المفردات :
(الصَّافِناتُ) القائمات ، أو الصافن من الخيل : الذي يرفع إحدى رجليه ويقف على مقدم حافرها (الْجِيادُ) : جمع جواد ، وهو الذي يجود في سيره ، أى : يسرع مع الخفة (تَوارَتْ) : اختفت وغابت (بِالْحِجابِ) : بالحاجز وقيل : بالليل (بِالسُّوقِ وَالْأَعْناقِ) أى : بسيقانها وأعناقها (رُخاءً) لينة مع قوتها وشدتها. (أَصابَ) : أراد (الْأَصْفادِ) : جمع صفد ، وهو القيد.
المعنى :
ذكر بعض المفسرين في تفسير هذه الآية أن سليمان عرض عليه خيل جياد في وقت العصر فألهاه ذلك عن صلاة العصر فغضب ، وطلب من الله أن يرد عليه الشمس بعد غروبها ليصلى العصر فردت إليه ، ثم غضب على الخيل التي كانت سببا في فوات الصلاة فقطع أعناقها وسوقها ، والضمير في قوله : (حتى توارت بالحجاب) للشمس ، ثم قالوا في قوله تعالى : «أحببت حب الخير عن ذكر ربي» إنه أحب هذه الخيل معرضا عن ذكر ربه ، وهو الصلاة.
وهذا تأويل فاسد ، يدل على فساده بداهة أسلوب القرآن ، ومكان القصة هنا ، وسياق الآيات.
إن هذه القصص إنما ذكرها الله ـ تعالى ـ بعد قول المشركين : (رَبَّنا عَجِّلْ لَنا قِطَّنا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسابِ) وقد بلغوا مبلغا من السفاهة عظيما ، حتى قال الله للنبي : اصبر على ما يقولون. واذكر عبدنا داود ، ثم ذكر بعد ذلك قصة سليمان وهذا الوضع والسياق يفيد أن القصص سيقت لبيان جلائل الأعمال ، وفضائل الخلال التي قام بها هؤلاء الأنبياء وأصحابهم ، وعلى هذا فداود وسليمان ليس من الحق أن نفهم فيهما أنهما أتيا أعمالا تتنافى مع مركز النبوة وشرف الرسالة ، وخاصة بعد قول الله لمحمد صلىاللهعليهوسلم : اصبر واذكر داود وسليمان ، أى : تأس بهؤلاء ، وعلى هذا فيمكن أن نلخص ما يمكن فهمه من هذه الآيات بما يأتى : أن الله وهب لداود سليمان وكان نبيا من المرسلين ، وهو نعم العبد الصالح ، إنه أواب ومطيع ، واذكر وقت أن عرض عليه بالعشي الخيل المطهمة ، والصافنات الجياد ، ويمكن أن نقول : إن رباط الخيل كان مندوبا إليه في