قال إبليس : فبعزتك وجلالك لأغوينهم أجمعين بتزيين المعاصي لهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين الذين أخلصتهم لعبادتك ، وأصفيتهم لنصرة دينك ، وعصمتهم من الغواية. وقرئ المخلصين الذين أخلصوا لله في العبادة والطاعة.
(إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغاوِينَ) (١).
قال ـ عزوجل ـ : فالحق منى ، وأنا الحق ، وإنى أقول الحق. لأملأن جهنم منك يا إبليس ومن ذريتك الشياطين ومن تبعك في الغواية والضلالة من ذرية آدم أجمعين.
يا كفار مكة هذه آيات شاهدة ناطقة على صدقى ، وقد أخبرتكم خبرا صدقا عن الملائكة ، وعن إبليس وطبيعته ، وعن الإنسان وغريزته ، والواقع يؤيد ذلك كله ، أليس هذا دليلا على صدقى؟! أيها المشركون : أنا لا أسألكم على القرآن ، وهذا النور الذي أسوقه لكم لا أسألكم على ذلك شيئا أبدا من حطام الدنيا الفاني. وما أنا من المتكلمين الذين يدعون ويتصنعون ويتحلون بما ليس فيهم وأنتم تعلمون عنى ذلك فإنى أنا منكم ونشأت بينكم.
ما هو إلا وحى من الله يوحى إلى. وما هو إلا ذكر للعالمين ونور. وهدى للناس وبينات من الهدى والفرقان ، فيه الشفاء والذكرى والموعظة والعلاج والدواء من كل داء.
ولتعلمن نبأه حقيقة بعد حين من الزمان (سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) (٢). وقد ذكرت هذه القصة وكررت قبل ذلك في سورة الحجر وغيرها.
__________________
١ ـ سورة الحجر آية ٤٢.
٢ ـ سورة فصلت آية ٥٣.