القدرة ، وهو الله الذي سخر الشمس والقمر. وذللهما. كل يجرى لأجل مسمى. وزمن معلوم ونظام محدد ، وبعده تنفطر السموات والأرضين. ويجمع الله الشمس والقمر. ويتبدل الحال غير الحال. وهذه مظاهر القدرة التي تدل على كمال العزة والسلطان فناسب أن تختم الآية بما يدل على الرحمة وسعة الرضوان. ألا هو العزيز الغفار.
ثم تعرض القرآن لذكر الإنسان والحيوان فقال : (خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ) ـ هي آدم ـ (ثُمَ) (١) (جَعَلَ مِنْها زَوْجَها. وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعامِ ثَمانِيَةَ) أصناف من الإبل والبقر و ، الغنم والمعز كل ذكر وأنثى منها زوج ، فتلك أزواج ثمانية أنزلها ربك من عنده. وتفضل بها من لدنه.
ثم ذكر حالة عامة تشمل الإنسان والحيوان فقال : (يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ خَلْقاً مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ). وحالا من بعد حال : ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ثم خلقنا النطفة علقة ... الآية .. فتلك أطوار الخلق وهم في بطون أمهاتهم حالة كونهم في ظلمات ثلاث : ظلمة المشيمة ، ثم ظلمة الرحم ، ثم ظلمة البطن ، ذلكم الله ربكم خالق كل شيء فاعبدوه. وهو على كل شيء وكيل. له الملك وحده. لا إله إلا هو فكيف تصرفون عبادته إلى عبادة غيره؟ ذلكم الله ربكم الغنى عن عبادتكم لا تضره معصيتكم. إن تكفروا فالله غنى عنكم. وليس محتاجا إلى إيمانكم ، ولكنه لا يرضى لعباده الكفر فإنه ظلم. والرضا غير الإرادة.
وإن تشكروا الله ـ سبحانه وتعالى ـ يرض لكم ذلك ويثبكم عليه (لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ) [سورة الفتح آية ١٨] بمعنى أنه أثابهم.
واعلموا أنه لا تحمل نفس عن نفس حاملة للأزوار والأثقال من الذنوب شيئا بل كل نفس بما كسبت رهينة (ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ) يوم القيامة يجازى كلّ على عمله بالعدل والقسطاس المستقيم لأنه خبير بما تعملون. وهو العليم بذات الصدور ومكنونات النفوس.
__________________
(١) ثم كما تكون للترتيب في الزمن مع التراخي كذلك لمطلق الترتيب والمعطوف عليه هو خلقكم.