وَبَدا لَهُمْ سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (٤٨)
المفردات :
(يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ) : يقبضها عند انتهاء آجالها (اشْمَأَزَّتْ) الاشمئزاز : انقباض في القلب وضيق في النفس يظهر أثره في الوجه (يَسْتَبْشِرُونَ) الاستبشار : امتلاء القلب سرورا فيظهر أثر ذلك في بشرة الوجه (وَبَدا لَهُمْ) : ظهر ما لم يكن في الحسبان.
لا يزال القرآن الكريم يسوق الدليل تلو الدليل على وحدانية الله ـ سبحانه وتعالى ـ ووصفه بكل كمال وتنزيهه عن كل نقص ، مع مناقشة هؤلاء المشركين في عقائدهم الفاسدة ، تارة بلفت أنظارهم إلى معبوداتهم من حيث ضررها ونفعها ، وتارة ببيان آثار القوى القادر ، وتارة بالتهديد لهم وتسفيه أحلامهم وبيان عاقبتهم يوم القيامة ؛ لعلهم يرجعون عن غيهم ، ويثوبون إلى رشدهم.
المعنى :
الله ـ سبحانه وتعالى ـ هو الذي أنزل عليك الكتاب هدى للناس وتبيانا لكل ما يحتاجون في دينهم ودنياهم ، أنزله ربك مقرونا بالحق متلبسا به ، فمن اهتدى به فلنفسه بغى الخير ، ومن ضل عنه وحاد عن طريقه فإنما يضل وضلاله على نفسه ، إذ عاقبة خسارته عليها وحدها ، وأما أنت يا محمد فلست عليهم بوكيل ، إنما عليك البلاغ وعلينا الحساب ، فلا يهمنك أمرهم ، ولا تحزن عليهم.
الله ـ سبحانه ـ هو الذي يتوفى الأنفس ويقبضها عن أبدانها حين موتها بحيث لا يستقدمون عنه ساعة من الزمن ولا يستأخرون ، ويتوفى الأنفس التي لم تمت في نومها والمعنى أنه ـ سبحانه ـ يتوفى هذه الأنفس في وقت نومها فالله ـ سبحانه ـ يقطع تعلق الأرواح بالأبدان حتى لا تتصرف فيها إلا بقدر ، فتوفيها حين الموت قطع لتصرفها