فيه وتاب فأحسن التوبة ، فلما بلغ عمر أمره قال : هكذا فاصنعوا إذا رأيتم أحدكم زل زلة فسددوه وادعوا الله له أن يتوب عليه ، ولا تكونوا أعوانا للشياطين عليه.
هذا هو القرآن الكريم الذي أنزل على النبي الصادق الأمين ، والذي أنزله رب العالمين غافر الذنب ، وقابل التوب ، شديد العقاب ، ذو الطول. لا إله إلا هو إليه المصير ، فهل آمن به كل الناس؟ لا : من الناس من كفر بالله وجادل في كتاب الله جدالا بالباطل الذي لا حق فيه ، وقال تمويها وتضليلا : إنه سحر أو شعر أو كهانة أو هو أساطير الأولين ، وإنما يعلمه بشر ، وأمثال هذا كثير مما كانوا يقولون للنبي صلىاللهعليهوسلم ولذا يقول الله هنا : ما يجادل في آيات الله جدالا بالباطل لا بالحق ، وإلا فالجدال لإظهار الحق ولتفهم المعنى مطلوب شرعا ، ما يجادل بالباطل إلا الذين كفروا ، وهؤلاء سنريهم آياتنا ، وحسابنا العسير لهم في الدنيا والآخرة ، فلا يغررك ما هم فيه من نعمة ، ولا يهمنك تمتعهم في الدنيا فهو متاع قليل ، مأواهم جهنم وبئس المصير ، انظر تر أن العذاب الذي لحقهم سببه أنهم عزموا على إيذاء الرسول وقتله ، وجادلوا بالباطل لإزهاق الحق فكانوا بذلك من أصحاب النار.
وهذه سنة الله مع من يكذب رسله ، ولن تجد لسنة الله تبديلا ، فقد كذبت قبلهم قوم نوح ، وكذبت عاد وثمود وقوم فرعون وإخوان لوط ، هؤلاء تحزبوا ضد أنبيائهم ، وتجمعوا للكيد بهم ، وعزمت كل أمة منهم لتأخذ رسولها أسيرا فتهلكه وتقتله ، ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين ، فعلوا هذا ، وما علموا أن الله ينصر رسله ويدافع عنهم وعمن آمن معهم.
وهؤلاء الذين كذبوا رسل الله وهموا أن يأخذوا رسلهم ليقتلوهم ، وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق ، ويطمسوا معالمه ، أخذهم ربك أخذ عزيز مقتدر ، فكيف كان عقاب؟!
(وَكَذلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحابُ النَّارِ) أى : كما وجب وثبت حكمه ـ تعالى ـ وتحقق هلاك هؤلاء المتحزبين على الأنبياء ، وجب وتحقق حكمه ـ سبحانه وتعالى ـ بالإهلاك على هؤلاء المتحزبين عليك أيضا من قريش لأنهم أصحاب النار (١) فالسبب واحد والعلة واحدة.
__________________
(١) هذا إشارة إلى أن (أنهم) منصوبة بنزع الخافض ، ويجوز إعرابها بدلا ، (وأن وما دخلت عليه) بدل من (كلمة ربك).