المفردات :
(الْآزِفَةِ) المراد : يوم القيامة ؛ سميت بذلك لقربها ؛ إذ كل ما هو آت قريب ، ويقال : أزف الرحيل يأزف أزفا : إذا قرب (كاظِمِينَ) : ممتلئين غما (الْحَناجِرِ) : جمع حنجرة وهي الحلقوم (حَمِيمٍ) : قريب نافع (خائِنَةَ الْأَعْيُنِ) : المراد الأعين الخائنة وهي التي تختلس النظر إلى المحرم وتسارقه (واقٍ) : حافظ يدفع عنهم السوء.
وهذا وصف آخر لأهوال يوم القيامة حتى يرتاع الكفار وتمتلئ قلوبهم روعة ورهبة.
المعنى :
وأنذر الناس وخاصة الذين يجادلون في آيات الله بالباطل ، أنذرهم يوم القيامة (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ) (١) ، والقيامة وإن بعد زمانها إلا أنها آتية لا شك فيها ، وكل آت قريب (أَزِفَتِ الْآزِفَةُ* لَيْسَ لَها مِنْ دُونِ اللهِ كاشِفَةٌ) (٢) إذ (٣) القلوب لدى الحناجر كاظمين ، والمراد تخويفهم وترويعهم من ذلك اليوم وقت أن تكون القلوب لدى الحناجر ، وهذه العبارة كناية عن شدة الخوف والوجل إلى درجة أن تخلع القلوب من أماكنها حتى تصل إلى الحلقوم (فَلَوْ لا إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ* وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ) (٤) حالة كون أصحاب القلوب كاظمين ، أى : مكروبين وساكتين مع امتلائهم غما وحزنا.
ومن هنا فهمنا أن الكفار يوم القيامة يخافون خوفا شديدا يجعل قلوبهم لدى حلقومهم وأنهم من شدة الهم والخوف ساكتون فلا يستطيعون الكلام ، ليس للظالمين ـ وهم أو لهم ـ حميم يدافع عنهم من صديق أو قريب ، وليس لهم شفيع يشفع لهم ويجادل عنهم ، وكانوا يعبدون الأصنام على أنها شفعاء عند الله.
__________________
١ ـ سورة القمر آية ١.
٢ ـ سورة النجم الآيتان ٥٧ ، ٥٨.
٣ ـ (إذ) بدل من (يوم الآزفة) و (لدى الحناجر) خبر ، و (كاظمين) حال من القلوب ، على معنى قلوبهم.
٤ ـ سورة الواقعة الآيتان ٨٣ ، ٨٤.