المفردات :
(حَرْثَ الْآخِرَةِ) الحرث في الأصل : إلقاء البذر في الأرض ، وقد يطلق على الثمر ، ويستعمل في ثمرات الأعمال ونتائجها (١) (الْفَصْلِ) أى : القضاء والحكم (رَوْضاتِ الْجَنَّاتِ) المراد : أطيب بقعة فيها ، وأصل الروضة : المكان الذي يكثر فيه الماء والشجر (أَجْراً) : نفعا ، والعرف يخصصه بالنفع المالى (يَخْتِمْ عَلى قَلْبِكَ) : يطبع عليه بالخاتم (وَيُحِقُ) أى : يثبته (يَقْبَلُ التَّوْبَةَ) : يثيب عليها.
لما بين الله ـ سبحانه وتعالى ـ أنه لطيف بعباده كثير الإحسان إليهم ، بين هنا أنه لا بد من العمل والسعى في طلب الخير ، والبعد عن القبيح ، وقد ناقش هنا الكافرين في أعمالهم وبين جزاء العاملين مطلقا ، ثم رد على من يقول بافتراء القرآن وختم بأنه واسع الفضل يقبل التوبة من عباده.
المعنى :
الإنسان في الدنيا أحد رجلين : رجل قلبه ملئ بنور الإيمان ومراقبة الله فهو دائما في خوف وحذر منه يرجو ثوابه ويخشى عقابه ، ويريد بعمله ثواب الآخرة فكل عمل يعمله يثاب عليه ، وإنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرئ ما نوى وهذا الصنف يعمل للدنيا وللآخرة ، ولكنه يريد بعمله كله ثواب الله في الآخرة وهؤلاء يضاعف الله ثواب أعمالهم مرات أو تزيد.
ورجل آخر قد ملئ قلبه شكا ونفاقا ، وحبا للدنيا بشكل عنيف ، فهو دائما ينظر للأمور بمقياس الدنيا فقط ، فما وافق نفسه وميله إلى الدنيا والمادة الفانية فعله ، ولو أغضب الله ، فهو يرجو متاع الدنيا الفاني ، وعرضها الزائل ، وهؤلاء يؤتيهم الله شيئا من الدنيا حسب ما قدره لهم أزلا ، ولم يكن لإغراقهم في حب الدنيا مدخل فيما يعطيه الله لهم ، وليس لهم في الآخرة نصيب أبدا إذا كان همهم الدنيا وعبادتها (مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعاجِلَةَ عَجَّلْنا لَهُ فِيها ما نَشاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاها مَذْمُوماً مَدْحُوراً!!
__________________
١ ـ على سبيل الاستعارة حيث شبه ثمرة العمل بالغلال الحاصلة من البذور ، وهذا يتضمن تشبيه الأعمال بالبذور.