يعذب الله صاحبه في الدنيا لأنه هين بسيط فيصيبه بسببه مرض أو ألم ، ونوع عذابه شديد فهو في الآخرة فقط ، وإذا أحب الله عبدا عجل له العقوبة في الدنيا ، وإذا كرهه لسوء عمله تركه يقترف من السيئات ما شاء ، ثم يأخذه أخذ عزيز مقتدر لحساب عسير وعذاب شديد.
وقد ينال الإنسان منا بعض الألم تكفيرا له عن ذنوب أو زيادة له في ثواب.
والله يعفو عن كثير من الذنوب عفوا مع القدرة الكاملة ، وما أنتم بمعجزين الله في الأرض هربا منه ، وما لكم من دون الله من ولى يلي أموركم ولا نصير ينصركم إن أراد بكم سوءا وهو على كل شيء قدير ..
وهذه آيات أخر تشهد لله بالقدرة وأنه بخلقه رحمن رحيم ، فها هي ذي السفن التي تمخر عباب البحر ، وتقطع المسافات ، وتحمل الأثقال ، وهي على ثقلها وضخامتها ، وارتفاعها كالأعلام ، تجرى على سطح الماء ، ولأمر ما لم تغرق في القاع ، والله ـ سبحانه وتعالى ـ هو الذي خلق الجاذبية وقوة الدفع وقوة الضغط في الماء والهواء ، إن يشأ ـ سبحانه ـ يسكن الريح التي تدفع السفينة على الماء فتظل راكدة لا تتحرك إلا بقوة دافعة من بخار أو غيره.
إن في ذلك كله لآيات لكل صبار على البلاء شكور على النعماء ، نعم العبد الصبور الشكور إن أعطى شكر وإن ابتلى صبر ، وهذا هو المؤمن الكامل الذي يتذكر ويتعظ بآيات الله وينظر إليها نظرة المعتبر الفاحص.
وإن يشأ يجعل الرياح عواصف تعصف بالسفن فيوبقهن ويهلكهن ، أى : يهلك ركابها ، ويعف عن كثير من أهليها فلا يغرقهم معها ، كل ذلك لتظهر قدرته على كل شيء ، وليعلم الذين يجادلون في آياتنا جدال تكذيب وإنكار إذا توسطوا البحر وغشيتهم الرياح من كل مكان. واصطلحت على سفينتهم حتى أيقنوا بالهلاك عند ذلك يعلمون أن لا ملجأ لهم سوى الله ، ولا منجى لهم من عذابه ، ولكنهم بعد ذلك يشركون به ما لا ينفع ولا يضر!! ولا تغرنكم الدنيا وما أوتيتم فيها أيها الكفار فما أوتيتم من شيء من الغنى والجاه والسعة فيها فمتاع الحياة الدنيا الزائل ، وما عند الله من ثواب وجزاء فهو خير وأبقى للذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون.