المفردات :
(لَهْوَ الْحَدِيثِ) اللهو : كل باطل ألهى عن الخير (هُزُواً) أى : مهزوءا بها (وَقْراً) : ثقلا وصمما.
نزلت الآية في النضر بن الحارث ، وكان يتجر إلى فارس فيشترى كتب الأعاجم فيحدث بها قريشا قائلا : إن كان محمد يحدثكم بحديث عاد وثمود فأنا أحدثكم بأحاديث رستم وبهرام والأسرة من ملوك فارس. وأحدثكم عن ملوك الحيرة ، وكان بعض الناس يستملح حديثه ، ويترك استماع القرآن ، وقيل : كان يشترى المغنيات فلا يظفر بأحد يريد الإسلام إلا انطلق به إلى قينته فيقول : أطعميه واسقيه وغنّيه ، ويقول :
هذا خير مما يدعوك إليه محمد من الصلاة والصيام وأن تقاتل بين يديه.
المعنى :
هذا هو القرآن الذي نزل هداية ورحمة ، وفيه آيات بينات وأسرار بالغات وحكم محكمات ، ومع هذا كله فمن الناس من يشترى لهو الحديث ليضل عن سبيل الله ، ويتخذ آياته هزوا وسخرية.
لهو الحديث : هو السمر بالأساطير والأحاديث التي لا أصل لها ، والتحدث بالخرافات والخيال الكاذب ، وبفضول الكلام ، وبما لا ينفع في شيء أبدا ، وهو بالحديث كالغناء الخليع وبالوضع المغرى المثير للشباب المحرك للشيطان ، فليس هو من باب اللهو فقط بل الواقع أنه سم زعاف يسقى للناس من حيث لا يشعرون.
والموسيقى المهذبة ، المروحة للنفس ، المجددة للنشاط ، والغناء الرفيع في لفظه ومعناه ، والكامل في شكله وموضوعه لا يأباه الدين ما دام لا يشغل عن حق ، ولا يضيع منك فرضا ، والغناء الذي نسمعه من تلك النسوة بهذا الشكل المزرى حرام بلا شك ، ولا يفهمن أحد أن الدين جاف لا يتمشى مع العصر ، إذ غرضه أن نرتفع بغرائزنا ونفوسنا عن مستوى الحيوانية البهيمية ، وأن نغرس فينا معاني السمو الروحي بحيث نرضى أنفسنا مع العفة والقصد في المغريات المثيرات ، والعناية بما يحبب مكارم الأخلاق ، ويقوى الرجولة فينا ، ذكر القرطبي في تفسير هذه الآية (أن الغناء المعتاد