والأكلة والأكلتان ، قيل : فمن هو المسكين؟ قال : الّذى ليس له ما يغنيه ولا يعلم مكانه فيتصدّق عليه فذلك المحروم».
(وَفِي الْأَرْضِ آياتٌ لِلْمُوقِنِينَ. وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ) وهذا دليل على قدرة الله في الأرض وفي الناس (سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُ) (١) (وَمِنْ آياتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خاشِعَةً فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ) (٢) ؛ نعم في الأرض وما أقلت من سهول وجبال ، وأنهار ووديان ، وما عليها من زروع وثمار ، وحدائق ونبات وما في جوفها من ماء عذب فرات ، وماء كالملح الأجاج ، وما فيها من زيوت ومعادن ، وغازات وأبخرة ، في الأرض وحركاتها ، ودوراتها ورياحها ، وحرها وبردها ، آيات ودلائل ولكن للمتقين.
وفي أنفسكم آيات كذلك للمتقين ، أليس في نفسك وما فيها من علوم ومعارف وغرائز وميول واتجاهات للخير تارة وللشر أخرى آيات للمتقين؟ أليس في نفسك التي بين جنبيك وما فيها من حواس السمع والبصر والإحساس واللمس والذوق وما فيها من دورة الدم ، وأجهزة التنفس والبول والهضم والإفراز كل ذلك آيات لمن يعقلها ، ولا يعقلها حقيقة ويدرك سرها الخفى ودلالتها على الإله القوى القادر الحكيم الخبير إلا المؤمنون المتقون الله ، أما غيرهم فقد يدرك حقائقها المادية فقط!! ، وفي أنفسكم أفلا تبصرون ذلك بقلوبكم لا بأبصاركم! وتفقهون أن هذا كله لخالق قادر على البعث وإعادة الحياة.
واعلموا أن في السماء تقدير رزقكم ، وتحديده وأسبابه ، فليس الرزق موقوفا على شيء يتعلق بالكون الأرضى فقط ، بل الأمر كله لله ، والله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر ، أى : في السماء رزقكم وما توعدون من خير أو شر ، فعلى المسلم إذا طلب أمرا من مخلوق فليطلبه بعزة مع العمل فإن الأمور تجرى بالمقادير ؛ وبعضهم فسر السماء في الآية بالمطر ، فورب السماء والأرض إن تقدير الرزق وتحديده في السماء لحق لا شك فيه ، ويجوز أن يراد هذا وغيره من كل وعد سابق في هذه السورة ، إنه لحق مثل (٣) نطقكم فكما أنكم لا تشكون في نطقكم فكذلك هذا.
__________________
١ ـ سورة فصلت آية ٥٣.
٢ ـ سورة فصلت آية ٣٩.
٣ ـ مثل حال من الضمير المستكن في قوله : الحق.