إبراز ما عند صاحبه ليلزمه الحجة. (نَزْلَةً) : مرة أخرى. (عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى) : مكان في السماء الله أعلم به. (جَنَّةُ الْمَأْوى) : الجنة التي تأوى إليها أرواح المؤمنين. (يَغْشَى) : من الغشيان بمعنى التغطية والستر. (ما زاغَ الْبَصَرُ) : ما مال البصر. (ما طَغى) : ما تجاوز حده المرسوم له.
يقول العلامة الفخر في تفسيره ـ أجزل الله مثوبته ـ (باختصار) : السور التي تقدمت وافتتحها الله بالقسم بالأسماء دون الحروف هي : والصافات ، والذاريات ، والطور ، وهذه السورة ، والأولى أقسم فيها لإثبات الوحدانية له ، وفي الثانية لإثبات الحشر ووقوعه والثالثة لإثبات دوام العقاب والعذاب يوم الساعة كما قال : إن عذاب ربك لواقع ، وفي هذه السورة أقسم لإثبات النبوة لمحمد صلىاللهعليهوسلم وبذلك تكمل أصول الدين الثلاثة ، ويلاحظ أن القسم على إثبات التوحيد وإثبات رسالة محمد قليل وقوعه في القرآن ، والقسم على إثبات البعث كثير ، ألا ترى إلى سورة الذاريات والطور ، والليل إذا يغشى ، والشمس وضحاها ، والسماء ذات البروج إلى غير ذلك مما سيأتى ، ولعل هذا لأن دلائل التوحيد وإثبات الرسالة ظاهرة وآياتها في الكون وفي معجزات الرسول واضحة ، أما البعث فإمكانه بالعقل ، ووقوعه بالفعل لا يمكن ثبوته إلا بالدلائل السمعية ، أى : القرآن والحديث ، لذا أكثر الله في القرآن من القسم عليه ليؤمن به الناس.
المعنى :
أقسم الحق ـ تبارك وتعالى ـ بجنس النجم الصادق بالثريا وغيرها إذا هوى (١) أى : غرب أو طلع أو انقض على الشياطين المسترقة للسمع ، وقيل : إنه أقسم به على أنه جزء من القرآن نازل على النبي صلىاللهعليهوسلم وفي القسم بالنجم الذي شأنه أن يهتدى به السارى إشارة إلى أنه صلىاللهعليهوسلم علم الاهتداء ، ومنارة الوصول إلى خير الدنيا والآخرة ؛ والنجم إذا هوى ما ضل صاحبكم عن طريق الحق ولا عدل عن الصراط المستقيم الذي هو مسلك الآخرة ، وما غوى في اعتقاد فاسد أبدا ، وهو صاحبكم ، وأنتم أدرى الناس به ، وما ينطق النبي صلىاللهعليهوسلم وما يصدر عنه من قول أو فعل أتاكم به من جهته ـ سبحانه وتعالى ـ
__________________
(١) ظرف لأقسم المقدر ، وقد تجردت إذا من الزمان المستقبل ، وأريد بها مطلق زمان.