أن يعبد بل يجب أن يكون هو دليلا على وجود الله ، ولذا قال الله : وإنه لقسم ـ لو تعلمون ـ عظيم ، وقيل ، إن المعنى : لا أقسم بمواقع النجوم على أن القرآن كريم ، إن الأمر أوضح من أن يحتاج إلى قسم ما فضلا عن هذا القسم العظيم ، والله أعلم بأسرار كتابه.
إنه لقرآن كريم ، البحر مثله ، من أى النواحي أتيته تجد هدى ونورا وعلما وخيرا وبركة (قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللهِ نُورٌ وَكِتابٌ مُبِينٌ يَهْدِي بِهِ اللهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) (١).
إنه لقرآن كريم كائن في كتاب مصون من غير المقربين من الملائكة «هذا الكتاب المصون هو اللوح المحفوظ ، فلا يطلع عليه سواهم ، ولا يمسه إلا الطاهرون المطهرون من كدر الطبيعة البشرية ودنس الغرائز النفسية ومطهرون من دنس الأجسام وقذارة الأحداث» ، ومن غير الملائكة الأطهار يوصف بهذا؟ والطهارة على ذلك معنوية.
هذا كتاب لا ينبغي أن يمسه إلا المطهرون من كل حدث ولذا فهم بعض الأئمة أن القرآن ينبغي ألا يمسه إلا طاهر من الحدث الأصغر والأكبر ، وبعضهم رأى أن سند هذا الحكم هو الحديث عن رسول الله «لا يمسّ القرآن إلّا طاهر»
هو تنزيل من رب العالمين ، لا يأتيه باطل ، ولا يقرب منه شك ، وهو هدى للعالمين.
أفهذا الحديث الذي ذكرت نعوته هنا أنتم أيها الكفار مدهنون ، ومتهاونون؟! لا يصح هذا ولا يليق ، وأنتم تجعلون شكر رزقكم وما أنعم الله به عليكم أنكم تكذبون؟ تكذبون بما يجب عليكم تصديقه ، وبما أنزل في هذا القرآن.
فلو لا إذا بلغت الروح الحلقوم عند الحشرجة وأنتم حينئذ بلغت هذا الحد تنظرون ونحن أقرب إلى هذا الشخص منكم قرب علم وقدرة ، ولكن لا تبصرون ، فهلا إن كنتم غير مؤمنين بالبعث يمكنكم أن ترجعوا روحه ، وتمنعوا موته كما تظنون أن لا بعث ولا عقاب!! والمعنى باختصار : إن صدقتم نفى البعث فردوا روح المحتضر إلى جسده لينتفى عنه الموت فينتفى البعث أى إن تحقق الشرطان وهما : إن كنتم غير مدينين إن كنتم
__________________
١ ـ سورة المائدة آية ١٦.