والله يشهد إن المنافقين لكاذبون في مواعيدهم وعهودهم المؤكدة بالأيمان ، والله لئن أخرج اليهود لا يخرجون معهم لأنهم منافقون ، وو الله لئن قوتل اليهود ، أى : بنو النضير لا ينصرهم المنافقون أبدا ، وهذا وعد وإخبار بالغيب وقد تحقق ذلك كله ، ولئن نصروهم ـ فرضا وتقديرا ـ ليولن الأدبار ويمنعون في الفرار ، ولا يلوون على شيء فإنهم المنافقون وكفى!
لأنتم ـ أيها المسلمون ـ أشد رهبة في صدورهم من الله ـ عزوجل ـ فهم يرهبونكم في السر رهبة أشد مما يظهرونه لكم من رهبة الله ـ عزوجل ـ ذلك بسبب أنهم قوم لا يفقهون ولا يعرفون عظمة الله فيخشونه حق خشيته.
لا يقاتلونكم ـ أى : اليهود والمنافقون ـ جميعا إلا في قرى محصنة بالتحصينات التي عرفوها والتي ستعرف في المستقبل ، أو من وراء جدار ، نعم رأيناهم في حروب فلسطين لا يقاتلون الناس إلا كذلك ، فإن أفئدتهم هواء ، وقلوبهم مليئة بالجبن والخور والضعف وحب الدنيا وكراهية الموت والخوف الموروث من المسلمين ، وهم إن أبدوا شجاعة ظاهرية لا تلبث أن تذهب ، ولقد صدق الله في وصفهم هذا الوصف الدقيق : (بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ) فهم كما يقول الشاعر :
وإذا ما خلا الجبان بأرض |
|
طلب الطعن وحده والنزالا |
وما أروع قول الله : (بَيْنَهُمْ) أما إذا كان البأس والحرب بينهم وبين غيرهم كانوا أجبن من الجبن ، تحسبهم جميعا مجتمعين ، والواقع أن قلوبهم واتجاهاتهم شتى ، الله يقول ذلك عن اليهود ، وهو أصدق القائلين ، بقي من يقاتلهم هل هو مثلهم أو أشد ، أم أصبح المسلمون تتوزعهم الفرقة والخلافات والإحن والتارات وأصبحوا يجرون وراء أمريكا وانجلترا ، وتركوا دينهم وقرآنهم وراءهم ظهريّا!! ولا حول ولا قوة بالله!!
أيها المسلمون : تشجعوا واتحدوا ، ولا يهمنكم أمر تلك الشرذمة من العصابات اليهودية مهما ساعدتها أمريكا وإنجلترا وروسيا فإنه يقول : تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى ؛ ذلك بأنهم قوم لا يعقلون.
مثل اليهود من بنى النضير كمثل الذين من قبلهم حيث ذاقوا وبال أمرهم ، وعاقبة