إن ربك هو يفصل بين المؤمنين والكافرين المنكرين للرسالة ، ويقضى بحكمه العدل فيجازى كلا على عمله ، ويعطيه ما يستحق من ثواب أو عقاب ، وقيل : المعنى : إن ربك يقضى بين الأنبياء وأممهم بالحق.
أغفلوا ولم يتبين لكفار مكة إهلاكنا كثيرا من الأمم السابقة ـ حالة كونهم يمشون في مساكنهم ـ فيعبتروا ويتعظوا بما حل بغيرهم؟! إن في ذلك لآيات دالات على قدرة الله وحكمه العدل بين الكفار والمؤمنين ، أفلا يسمعون سماع قبول وتدبر بقلوبهم؟
وأعموا ولم يروا أنا نسوق الماء إلى الأرض الجرز التي لا نبات فيها بواسطة المطر أو الأنهار والسيول فنخرج بالماء زروعا وثمارا تأكل منه أنعامهم وأنفسهم أفلا يبصرون؟! ألم يروا إلى مثل مصر فإنها هبة النيل ، ولو لا أن الله ساقه إليها لبقيت مصر قطعة من الصحراء لا خير فيها ولا حياة ، وإن ربك على كل شيء قدير أفلا يبصرون ذلك فيعتبرون ويتعظون؟.
وكان المسلمون يقولون : غدا سيفتح الله علينا ، ويحكم بيننا بالحق وهو خير الفاصلين. فكان المشركون يقولون : متى هذا الفتح؟ استبعادا وإنكارا واستهزاء بالنبي وصحبه ، قل لهم : يوم الفتح ، والقضاء الفصل هو يوم القيامة ، يومئذ لا ينفع الذين كفروا إيمانهم بأنهم على باطل ، وأنهم تركوا الصراط المستقيم واتبعوا سبل الشيطان فضلوا عن سواء السبل ، لا ينفعهم إيمانهم بأن النبي والقرآن حق ، ولا هم ينظرون بل يأخذون جزاءهم فورا.
فأعرض عنهم ، وانتظر ما يحل بهم من العذاب في الدنيا والآخرة ، إنهم منتظرون بك حادث موت أو قتل فيستريحون منك ، وما علموا أن الله عاصمك من الناس ومؤيدك ، حتى تؤدى رسالتك كاملة غير منقوصة.