كافأهم الله على ذلك بأن وقاهم شر ذلك اليوم وألقى عليهم بدل العبوس والظلمة والشدة والرهق حسنا وبهجة وبهاء. وسرورا ، أعطاهم جنة تجرى من تحتها الأنهار ، أكلها دائم ، وظلها كذلك ، وتلك عقبى المتقين ، وأعطاهم جنة وكساهم حريرا ، وأجلسهم على الأرائك متكئين جلسة المتمكن الهادئ فارغ البال ، وهم في تلك الجنة ، لا يرون شمسا محرقة ، ولا يحسون بردا شديدا ، بل هم في جو هادئ حالم لا يشعرون بما يكدرهم.
وهذه الجنة قد دنت عليهم ظلالها الوارفة ، وكانت ثمارها سهلة التناول ، يتناولها الشخص بلا تعب ولا مشقة ، يا سبحان الله!!
وهم فيها مكرمون ، لهم خدم وحشم ، ويطوف عليهم غلمان لهم بآنية من فضة فيها طعامهم ، ويطاف عليهم بأكواب من فضة ، فيها شرابهم ، هذه الأكواب فيها صفاء الزجاج وبياض الفضة ونضرتها ، وهذه الأوانى قد قدرت لهم تقديرا تامّا فليست صغيرة لا تفي بما يطلبون ، ولا كبيرة تزيد على ما يحتاجون.
وهم في الجنة يسقون فيها شرابا تارة يمزج بالكافور كما مضى ، وطورا يمزج بالزنجبيل ، وهذا الشراب مستمد من عين لا تنقطع تسمى سلسبيلا لأنها سهلة لينة هينة ، ولهم خدم يطوفون عليهم ، هؤلاء الولدان مخلدون في نضرة الشباب وروعة الحسن والجمال إذا رأيتهم مقبلين ومدبرين حسبتهم لؤلؤا منثورا في الصفاء والنظافة والجمال.
وإذا رأيت هناك ـ ونسأل الله الكريم أن يرينا ذلك ـ رأيت نعيما لا يقادر قدره ، ولا يدرى كنه ، ورأيت ملكا كبيرا ، يتضاءل أمامه ملك كسرى وقيصر ، وما مر من وصف لبعض مشاهد الجنة فوصف تقريبي فقط ، ونعيمها الحقيقي لا يعلمه إلا خالقه ، وهم في الجنة تعلوهم ثياب من سندس رقيق أخضر ، ومن إستبرق سميك كل بما يناسبه ، وألبسوا حلية هي أساور من فضة أو ذهب ، وسقاهم ربك شرابا لا يدرى وصفه ، شراب طهور نقى من كل الشوائب.
إن هذا كان لكم أيها العاملون الشاكرون جزاء على أعمالكم ، وكان سعيكم مشكورا.