إذا جاءت الطامة يفصل ربك بين الخلائق ، فمنهم شقي ، ومنهم سعيد ، فأما الشقي فهو الذي طغى وتجاوز الحدود وآثر الحياة الدنيا ، فكانت الجحيم هي المأوى ، وبئس المصير ، وأما السعيد فهو من خاف مقام ربه ، وخاف قيامه بين يدي العزيز الجبار يوم القيامة ، وقد نهى النفس عن هواها ، وألزمها كلمة التقوى ، فكانت الجنة هي المأوى ونعم القرار. أرأيت أسباب دخول جهنم وأنها هي الطغيان والظلم ، وحب الدنيا وترك العمل للآخرة؟ وأسباب دخول الجنة وأنها معرفة الله والخوف منه ، ونهى النفس عن اتباع الهوى؟!
وقد كانوا يسألون النبي صلىاللهعليهوسلم استهزاء بالساعة قائلين : متى تكون؟ ويقصدون بذلك إنكار الوقوع ، فيرد الله عليهم على طريق الاستفهام الإنكارى مخاطبا النبي صلىاللهعليهوسلم ليكون أتم وأبلغ : فيم أنت من ذكراها؟ على معنى : في أى شيء أنت حتى تذكر لهؤلاء وقت حصولها؟ والله وحده عنده علم الساعة ، وإلى ربك وحده منتهاها ، وإنما أنت منذر فقط من يخشاها ، وليس عليك إلا البلاغ فلا يهمنك أمرهم ، ولا تشغل بطلبهم ، وكأنك بهم يوم يرونها ، تراهم كأنهم لم يلبثوا في هذه الدنيا إلا عشية أو ضحاها وقد انقضت ، فإذا هم فيما أنكروه واقعون.