المعنى :
هكذا الشأن بعد تعداد النعم ، والتذكير بآلاء الله ـ تعالى ـ التي تقتضي من الإنسان النظر الصحيح والبعد عن الكبر والكفر والفجور ، أخذ الله ـ سبحانه وتعالى ـ يذكرنا بيوم القيامة وأهواله التي تجعل الإنسان يذهل عن أحب الناس إليه ، فإذا وقعت الواقعة وجاءت الصاخة ، يوم يفر المرء ويتباعد عن أخيه ولا يأخذ بناصره ولا يواليه (يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئاً) (١) وقد كان في الدنيا يستنصر به ويعتز ، بل يفر كذلك من أبويه ، أمه وأبيه ، بل يفر كذلك من الذين يتعلق بهم قلبه أشد من غيرهم كزوجة وبنيه وكيف لا يكون ذلك؟ ولكل امرئ منهم يومئذ شيء يصرفه ويصده عن قرابته وأهله ، ويوم القيامة ترى وجوها مضيئة متهللة فارغة البال ضاحكة السن مستبشرة فرحة ، تلك هي وجوه المؤمنين الذين آمنوا وعملوا الصالحات ، وهناك وجوه أخرى عليها غبرة ويعلوها سواد فهم في هم وحزن وكمد ، أولئك هم الكفرة الذين كفروا بالله ورسوله ولم يؤمنوا باليوم الآخر وكانوا في الدنيا فجرة قد خرجوا عن حدود الشرع والعقل والعرف الصحيح ، واجترحوا السيئات فكان جزاؤهم ذلك وبئس المصير.
__________________
١ ـ سورة الدخان آية ٤١.