البنات أحياء عربا فيهم ظرف الإسلام ، وحكمة المسلمين وغرس فيهم التربية الإسلامية العالية التي قوامها : لا ضرر ولا ضرار ، والتمسك بأهداب الفضيلة والمثل العليا.
هذه الموءودة تسأل : لأى ذنب قتلت؟! لم يكن لها ذنب ـ علم الله ـ وهذا سؤال للتبكيت والتوبيخ والتسجيل عليهم ، وإذا الصحف التي كتبت فيها الأعمال ، وسجل فيها ما اقترفه كل إنسان ، نشرت ليقرأ كل إنسان كتابه ، ويعرف عمله وحسابه ، وإذا السماء كشطت وأزيلت فلم يعد لها وجود. والظاهر ـ والله أعلم ـ أن المراد بكشط السماء هو رفع الحجاب (فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ) (١) فترى كل نفس عند ذلك عملها ، وتقوم عليها شهودها ، فتبصر ما لم تكن تبصره من قبل ، وإذا الجحيم سعرت وأحميت نارها وأوقدت ، وإذا الجنة أزلفت وقربت وقدمت للمتقين.
وإذا الشمس كورت ، وإذا النجوم انكدرت ... إلخ ما ذكر هنا من الأمور الاثنى عشر. وجواب هذا الشرط قوله : علمت نفس ما أحضرت ، أى : إذا حصل هذا ـ ما ذكر ـ علمت نفس ما قدمت من عمل إن كان خيرا فجزاؤه خير ، وإن كان شرّا فجزاؤه شر.
وقد فصل هنا ما أجمل في سورة «ق» عند بيان ما يسبق الحساب فقال هناك : (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ) وقال هنا : (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ) إلى قوله : (وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ) وهنا أجمل في ذكر ما يحصل يوم الحساب حيث اكتفى بسؤال الموءودة ، وتسعير جهنم. وتقريب الجنة ، وفي سورة «ق» فصل كثيرا حيث قال : (وَجاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَها سائِقٌ وَشَهِيدٌ ...) ... إلخ. الآيات.
اعتاد العرب في كلامهم أنهم إذا أقسموا على إثبات أمر واضح ظاهر ، قالوا : لا أقسم ؛ إشارة إلى أنه لا يحتاج إلى قسم ، وقيل : إنه يؤتى بلا في القسم إذا أريد تعظيم المقسم به على ما فصلناه عند قوله : (لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ) (٢) وعلى ذلك يمكننا أن نفهم قوله تعالى هنا : فلا أقسم بالخنس.
__________________
١ ـ سورة ق آية ٢٢.
٢ ـ سورة القيامة الآية الأولى