مائلا إلى السواد. (وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرى) : نوفقك إلى الخير. (فَذَكِّرْ) : بلغهم رسالتك وعظهم. (يَخْشى) : يخاف ربه. (الْأَشْقَى) الشقي : الكافر.
(تَزَكَّى) : تطهر. (فَصَلَّى) : خشع وخضع لله. (تُؤْثِرُونَ) : تفضلون.
(الصُّحُفِ الْأُولى) : الكتب التي أنزلت قبل القرآن.
المعنى :
سبح اسم ربك ، ونزهه من كل نقص ، واسم به عما لا يليق به من شبه المخلوقات أو اتخاذ الشركاء والأنصاب ، والاسم : ما به يعرف الشيء ، والله يعرف بصفاته ، أما ذاته المقدسة فتعالت عن الأوهام والعقول ، فالبشر يعرفون الله بأنه هو العالم القادر المريد الواحد الأحد ، الفرد الصمد المنزه عن كل نقص ، المتعالي عن الشريك والصاحبة والولد ، جل شأنه وتقدس اسمه ، وهذا الاسم ـ أى : الصفات التي بها يعرف ـ هو الذي وصف بأنه ذو الجلال والإكرام ، وهو الذي يجب علينا تنزيهه وتقديسه لأنه هو الذي خلق الخلق ، فسواه ووضعه على نظام محكم متقن ، لا تفاوت فيه ولا خلل ، حتى ما في هذا الكون من سموم وآفات وجراثيم ، كل ذلك لكمال النظام وتمام العمل وحسن التقدير ، وهو الذي قدر لكل كائن ما ينفعه وما يصلحه ، فهداه إليه وأرشده إلى الانتفاع به ، أرشده إليه بطبعه وما أودع فيه من غرائز واتجاهات ، وهو الذي أخرج المرعى ، وأنبت النبات ، الذي هو الغذاء للإنسان والحيوان ، ثم بعد أن أنبت النبات جعله هشيما باليا مائلا إلى السواد ليكون غذاء للحيوان ، وفي هذا إشارة إلى جواز الحياة بعد الموت ، وهو الذي تفضل فأنعم على البشر كله بإنزال القرآن ، على النبي صلىاللهعليهوسلم ووعده بأنه سيقرئه القرآن وأنه لا ينساه (إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ) إلا إذا شاء الله فالكل منه وإليه ، وخاضع لأمره إنه يعلم الجهر والإعلان وما هو أخفى من الخفاء ، وهو يوفقك للشريعة السمحة السهلة التي لا يصعب قبولها (وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرى).
إذا كان الأمر كما ذكر من وجوب تنزيه الحق ـ تبارك وتعالى ـ عن كل نقص لأنه خلق الخلق فسواه ، وقدر له كل ما يصلح به وهداه إليه بطبعه وغريزته ، وأنعم بالنبات أخضره ويابسه ، وأنزل القرآن هدى للناس ، ووعد بحفظه ، وأنه يسر لنا شريعة سهلة سمحة.