ويطهركن ، ولورود أحاديث صحيحة تثبت ذلك ، على أن المسألة بسيطة جدّا للغاية ، والإسلام يكره المغالاة في المحبة والبغض مطلقا ولو كان لآل البيت.
واذكرن يا نساء النبي ما يتلى عليكن من آيات الله القرآنية ، والحكمة التي ينطق بها رسول الله ، واعملن بذلك كله إن الله كان لطيفا بعباده خبيرا بهم ، فكل ما أمر به وحث عليه فهو في منتهى الحكمة فتقبلوه واعملوا به.
يا نساء الأمة الإسلامية لستن كغيركن من نساء العالم أجمع. إن اتقيتن الله : فلا تخضعن في القول حتى يطمع فيكن الطامعون ضعاف الإيمان والعقول.
وقلن قولا معروفا ، فيه خير وبعد عن الشر ما استطعتم ..
وقرن في بيوتكن ولا تخرجن إلا لضرورة ، فإذا خرجتن فلا تتبرجن تبرج الجاهلية الأولى ، وتظهرن في الشارع بهذا الوصف المنافى للآداب الإسلامية وأقمن الصلاة التي هي عماد الدين ، وآتين الزكاة ، وأطعن الله ورسوله في كل أمر ونهى فإن في ذلك كله خيرا لكن وأى خير؟ إنما يريد الله أن يذهب عنكم الرجس ويطهركم تطهيرا ، فطهرن النفوس وأصلحن القلوب وأعمرنها بنور الإيمان إن الله لطيف بكن حيث أمركن بهذا خبير بحالكن وبنفوسكن وما ركب فيكن من غرائز تثار عند مخالطة الرجال ، وتندفع لأتفه الأسباب ..
وأما خروج عائشة ـ رضى الله عنها ـ في موقعة الجمل ، فما كان لحرب ، ولكن تعلق الناس بها ، وشكوا إليها ما صار إليه الحال ، ورجوا بركتها وإصلاح ذات البين بها ، وظنت هي فخرجت لتصلح بين الناس (وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما) (١) وانتهى الأمر بطعن الجمل الذي تركبه فأركبها علىّ ـ رضى الله عنه ـ إلى المدينة في ثلاثين امرأة ، وكانت عائشة أم المؤمنين برة تقية مجتهدة مثابة في تأويلها مأجورة على فعلها. والله أعلم.
روى أن بعض النساء شكون إلى رسول الله أن كل شيء للرجال ، وأن النساء لا يذكرن بشيء فنزلت هذه الآية.
وإن وضعها هنا وهي تحمل علامات الإيمان الكامل إشارة إلى ما يجب أن يعرف به
__________________
١ ـ سورة الحجرات آية ٩.