أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ) [البقرة : ١٩٦] أي : فحلق فعليه فدية ، وإنما قدرنا محذوفا ، وذلك يحتاج إلى دليل ؛ لأنه صلىاللهعليهوآلهوسلم صام في سفره.
وعن أبي الدرداء «خرجنا مع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في بعض غزواته ، في حر شديد ، ما فينا صائم إلا رسول الله».
وعن أبي سعيد الخدري : «خرجنا مع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من مكة إلى حنين في اثنتي عشرة بقيت من رمضان ، فصام طائفة من أصحاب النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وأفطر الآخرون ، ولم يعب» فهذا دليل على جواز الفطر.
وأما كون الصوم أفضل ، فلقوله تعالى : (وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ) على أحد التأويلات (١) ، ولأنه إذا أفطر عرض الصوم للنسيان ، وحوادث الزمان ، وعن أنس أنه قال في السفر : إن أفطرت فرخصة ، وإن صمت فهو أفضل».
وعن عثمان بن أبي العاص أنه قال : «الصوم أحب إلي» قلنا : إلا أن يجهده السفر ، فيكون الفطر أفضل ؛ لأنه ورد فيه : «ليس من البر الصيام في السفر» ويكره الصوم من المريض إذا أضر به ، كما يكره صوم الدهر ، وأما إذا خشي الهلاك فلا يجزيه الصوم ، ويكون آثما ، ذكره المؤيد بالله ؛ لأنه عاص ، والمعصية لا تكون قربة ، ولقوله تعالى في سورة النساء : (وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ) [النساء : ٢٩] وقوله تعالى : (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) [البقرة : ١٩٥] (٢).
وجه قول الامامية الأخذ بظاهر الآية ، وهي قوله تعالى : (فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) وهذا أمر ، وقد قرئ في الشاذ بالنصب (فعدةً) بمعنى : فليصم عدة.
__________________
(١) والتأويل الثاني (عوضا عن الفدية).
(٢) وإن لم يهلك جاء على قول الإبتداء والإنتهاء. (ح / ص).