حجة من أوجب الفدية مع القضاء قوله تعالى : (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ) فأوجبت الآية على كل مطيق الفدية ، إلا ما خصه الإجماع ، ويلزم القضاء بقوله تعالى : (فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) قلنا : الفدية منسوخة ؛ لأن في بدء الإسلام كان المطيق مخيرا بين الصوم والفدية ، فنسخ التخيير بقوله تعالى : (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ).
الحكم الثاني عشر :
هل يدخل الجنون والإغماء في المرض ، فيلحق حكمه به (١)؟ قلنا : عند الناصر ، والشافعي : أن الجنون لا يلحق بالمرض ، فلا يلزم المجنون أن يقضي ما جن فيه ، سواء كان أصليا ، أو طارئا بعد البلوغ ، ويؤيد ذلك الحديث عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم : «رفع القلم عن ثلاثة» الخبر. وخرج النائم في أنه يجب عليه الصوم بالإجماع ، فأما المغمى عليه فيدخل في حكم المريض.
وعن الهادي ، وأبي حنيفة : أنه إذا كان الجنون طارئا وجب القضاء ؛ لأنه من جنس المرض ، وإن كان أصليا لم يجب ، قال أبو حنيفة : إلا أن يفيق في بعض الشهر ، قضى ما فات.
قال الناصر ، والشافعي الإغماء مرض بدليل أنه يأخذ الأنبياء عليهمالسلام
قالت عائشة : أغمي على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في آخر مرضه ، وقال تعالى : (ما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ) [القلم : ٢] فنفى عنه الجنون.
قوله تعالى : (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ) اختلف العلماء في حكم هذه الآية هل هو باق أم منسوخ؟ فقال أكثر المفسرين : إن التخيير منسوخ
__________________
(١) في ب (فيلحق بحكمه).