كما هو حقيقة اللفظ ، أو أراد بالتبين الشيء المتبين ؛ لأن العرب تجوز ، فتجعل لا حق الشيء بدل الشيئ على وجه الاستعارة ، كتسمية المرض الشديد بالموت.
فالحسن ، وعطاء ، وداود : حملوا على الحقيقة ، وأكثر العلماء حملوا على المجاز ، إن قيل : فما الموجب للعدول عن الحقيقة إلى المجاز؟.
قلنا : أمران : ـ الأول : أنه ورد عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم الإشارة إلى أن الحد هو نفس الطلوع ، لا التبين له ، وذلك لأنه روي في البخاري أنه صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «إن بلالا يؤذن بليل ، فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم ، فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر» فجعل العلة في المنع الطلوع نفسه.
وفي صحيح مسلم ، عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لا يغرنكم من سحوركم أذان بلال ، ولا بياض الأفق المستطيل هكذا ، حتى يستطير هكذا» قال حماد (١) : يعني : معترضا. وفي حديث آخر : «حتى يبدو الفجر» أو قال : «حتى ينفجر الفجر» فأشار إلى ما ذكرنا.
الأمر الثاني : القياس على سائر الحدود بالأوقات ، فإنها تتعلق بنفس الوقت ، كالزوال ، وقد ورد في الغروب حديث أسماء بنت عميس ، قالت : «أفطرنا مع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في يوم غيم ، ثم طلعت الشمس ، فأمرنا بقضاء يوم مكانه
__________________
(١) حماد هو : حماد بن سليمان بن مسلم الأشعري ، مولاهم ، أبو إسماعيل الكوفي ، قال في التقرير : ثقة صدوق ، له أوهام من الخامسة ، رمي بالإرجاء ، مات سنة عشرين ومائة ، أو قبلها ، وهو صاحب إبراهيم النخعي ، وشيخ أبي حنيفة ، روى عن أنس ، وابن المسيب ، قال الإمام المرشد بالله : كان حمادا يفطر في كل يوم من رمضان خمسمائة إنسان ، فإذا كان يوم الفطر كساهم ثوبا ثوبا ، وكذا ذكر ذلك غيره رحمهالله تعالى.