يبطله الجماع في غير المسجد ، وأنه إنما منع منه لأجل المسجد ، وأنه يصح الإعتكاف خارج المسجد ، ومنشأ خلافه من قوله تعالى : (وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عاكِفُونَ فِي الْمَساجِدِ) فيجعل الجملة حالية ، ويحعل لها مفهوما تقديره : فأما إذا كان داخلا في الدار ، فإن مفهومه جواز الإعطاء إذا كان خارجا.
قلنا : منع من هذا المفهوم أمران : الأول : قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لا اعتكاف إلا في مسجد جامع» ولأنه صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يعتكف إلا في مسجد ، وفعله بيان لمجمل الآية ، وأيضا فالمسألة كالمجمع عليها ، فمنع ذلك من هذا المفهوم.
وفي صحيح البخاري عن عائشة ، قالت : «كان النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يصغي إليّ رأسه ، وهو مجاور في المسجد فأرجّله وأنا حائض».
وفي لفظ الترمذي : «كان إذا اعتكف أدنى إلي رأسه فأرجله».
قال في الانتصار : هذا الحديث قد اشتمل على فوائد :
وهي : أن الاعتكاف لا يكون إلا في المسجد ، إذا لخرج عليهالسلام.
وأن إخراج الرأس من المسجد لا يضر الاعتكاف ، ويقاس عليه إخراج الرجلين إذا كان الرأس في المسجد. وأن يد الحائض ليست نجسة. وأن يد المرأة ليست عورة ؛ لأنها أخرجت يدها ، ولا يخلو المسجد عن أحد.
وأنه يجوز للمعتكف التزين ، والنفيس من الثياب ، واحتمال الطيب ، قياسا على الترجيل ؛ لأن الجميع زينة.
وأنه يجوز مباشرة النساء من غير شهوة ، وكذا النظر من غير شهوة.
وأن الإشتغال بالأمور المستحبة لا يبطل الإعتكاف ، وأن المعتكف