يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ) فنهى عن الحلق قبل بلوغ الهدي محله ، قال : فدل على أنه إذا بلغ محله فعليه أن يحلق ، وأجاب المخالف : بأن هذا نهي عن الحلق ، فلا يستفاد منه الأمر بالحلق ، والجواب واضح.
الطريق الثاني : ذكره أبو جعفر أيضا أنه يجب الحلق ؛ لأنه كان واجبا قبل الإحصار بدلالة قوله تعالى في سورة الحج : (ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ) على ما سيأتي الكلام عليه ، فلا يسقط ما وجب ؛ لأن سائر المناسك إنما تسقط بالعجز ، ولم يعجز عن الحلق. والظاهر من أقوال المفسرين : أن قوله تعالى : (وَلا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ) متعلق بالحصر (١) ، ومنهم من قال : إنه كلام مستأنف لا تعلق له بالإحصار ، والأول هو الظاهر.
الحكم الثامن
إذا كان قارنا فأحصر فله التحلل بهدي واحد ، على ما حكى عن الإمام
الناطق بالحق ، وابن أبي الفوارس (٢) ، ومالك والشافعي.
وعن أبي حنيفة ، وأبي جعفر ذكره عن أصحابنا : عليه دمان.
حجة الأول : دخول ذلك في قوله تعالى : (فَمَا اسْتَيْسَرَ) ولأن الذبح كالإحلال وإحلال النسكين واحد قال أبو جعفر : الإحلال عن نسكين يلزم لكلّ دم.
__________________
(١) في نسخة (بالمحصر).
(٢) ابن أبي الفوارس هو : محمد بن أبي الفوارس توران شاة بن خسرو شاه ، الجيلي ، العلامة الفقيه ، يروي المذهب وغيره عن والده ، وعلي خليل ، والقاضي يوسف ، وعنه أحمد بن أبي الحسن الكني ، إسناد المذهب ، وكتب الهادي ، وله مؤلفات منها : تعليق الشرح ، ومنتزع شرح التجريد ، وله مقالات وعناية بالمذهب.