وأما الحكم الثاني
وهو في بيان الحاضر ففي ذلك أقوال : فمذهبنا ، وأبي حنيفة : هم أهل المواقيت فدونها إلى مكة. وعند الشافعي : أهل الحرم ، ومن لا يقصر إليه.
وعند مالك : أهل مكة ، وذي طوى ، ونحو ذلك.
وقال مجاهد ، وطاووس ، وابن عباس : أهل الحرم فقط.
وفي النهاية عن الثوري : هم أهل مكة فقط ، وهو مروي عن الصادق.
وفي الثعلبي عن ابن جريج : هم أهل عرفة ، والرجيع ، وضجنان (١) ، ونخلتان. ومنشأ الخلاف : ما يفهم من لفظ الحاضر ، فوجه كلام أهل المذهب أنا وجدنا لأهل المواقيت حكما من أحكام الإتصال بمكة ، من حيث إنه لا يلزمهم الإحرام لدخولها. وجه قول
__________________
ـ القريب ، الذي هو وجوب الصوم على غير الواجد كما ذكره المجيب من أن الاستثناء رجع إلى الجزاء ، ولا قائل به ، ولا وجه في الآية ؛ لأن التقدير : فإذا أمنتم من موجب الإحصار فلكم التمتع ، ومن تمتع فعليه الهدي إن وجده ، ومن لم يجد فعليه الصوم ، فترك الشرط القريب والبعيد المستتبع للجميع ، وجعل الاستثناء راجعا إلى المتوسط تحكم من غير دليل ، فلو جيء بحرف الاستثناء لكان الوجه رده إلى القريب ، ولمّا جيء بلفظ (ذلك) علم أنه مشار به إلى ما هو موضوع له. اه وفي أصول الأحكام في باب الهدي (خبر : وعن زيد بن علي ، عن أبيه ، عن جده ، عن علي عليهمالسلام في المتمتع لا يجد الهدي يصوم ثلاثة أيام في الحج آخرها يوم عرفة ، وسبعة إذا رجع إلى أهله ، (ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ)) اه وهو يحتمل أن يكون المراد باسم الإشارة الصيام في الوطن ، يعني أنه لمن نأ عن مكة ، فأما أهل مكة فهم مستقرون في أهليهم ، فيصومون بعد خروج أيام التشريق لا غير ، وظاهر كلام أمير المؤمنين في هذا الخبر يدل عليه ، والله أعلم. (ح / ص).
(١) ضجنان : جبل بناحية مكة. صحاح