الحجة ، وفي بعضها تسع ، فمن عبر بالتسع أراد الأيام ، ومن عبر بالعشر أراد الليالي.
ولقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم «الحج عرفة» وقد ثبت أنه يفوت الوقوف بطلوع الفجر.
إن قيل : لم كان الشهران وبعض الثالث أشهرا؟ قال الزمخشري : جوابه : أن اسم الحج يشترك فيه ما وراء الواحد ، كقوله تعالى : (فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما) [التحريم : ٤] فلا سؤال ، إنما يرد السؤال لو قيل : ثلاثة أشهر ، وقيل : نزل بعض الشهر بمنزلة كله ، كما يقال : رأيتك سنة كذا ، ولم يرد إلا ساعة ، ولأن الفعل إذا أضيف إلى وقت تعلق ببعضه كما يقال : صليت يوم الجمعة ، وأتيتك يوم كذا ، والمراد في بعضه (١).
الحكم الثاني
في فائدة تأقيت الحج بهذه المدة ، وقد اختلف العلماء في ذلك ، فقال الناصر ، والشافعي : إن هذا بمثابة تأقيت وقت الصلاة ، فمن أحرم بالحج في غيرها لم ينعقد حجه ، ويكون إحرامه منعقدا بعمرة ، كمن صلى الظهر قبل وقته لم ينعقد ظهرا ، ويكون نافلة.
وروي هذا في الثعلبي ، عن عطاء ، وطاووس ، ومجاهد ، والأوزاعي ، وحجتهم التمسك بظاهر الآية ؛ لأن المراد بقوله تعالى : (الْحَجُّ أَشْهُرٌ) أي : وقت الحج ، كما تقول : البرد شهران ، أو أفعال الحج في أشهر معلومات ، فلو انعقد الحج في غيرها بطل فائدة التأقيت ، وقياسا على سائر أعمال الحج.
__________________
(١) لفظ الكشاف (فإن قلت : فكيف كان الشهران وبعض الثالث أشهر؟ قلت : اسم الجمع يشترك فيه ما وراء الواحد. بدليل قوله تعالى : (فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما) [التحريم : ٤] فلا سؤال فيه إذن ، وإنما كان يكون موضعا للسؤال لو قيل : ثلاثة أشهر معلومات. وقيل : نزل بعض الشهر منزلة كله ، كما يقال : رأيتك سنة كذا ، أو على عهد فلان ، ولعل العهد عشرون سنة أو أكثر ، وإنما رآه في ساعة منها).