وقوله تعالى : (قُلْ قِتالٌ فِيهِ كَبِيرٌ) أي : إثم كبير.
وقوله : (وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ) مبتدأ خبره (أَكْبَرُ عِنْدَ اللهِ) أي : أكبر وأعظم عند الله في الإثم من القتال في الشهر الحرام.
وقيل : إن قوله : (وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَكُفْرٌ بِهِ) متصل بما قبله ، أي : القتال فيه إثم كبير وصد عن سبيل الله ، وكفر بالله. ثم استأنف فقال : (وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ) أي : يسألونك عن المسجد الحرام ، أو عن القتال في المسجد الحرام.
وفي قوله تعالى : (وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ) وجوه من التقدير (١) :
الأول : أنه معطوف على سبيل الله ، أي : وصد عن سبيل الله ، وعن المسجد الحرام.
__________________
(١) في النيسابوري : وأما قوله (وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ) فقيل : إنه معطوف على الهاء في (بِهِ) عند من يجوز العطف على المضمر المجرور من غير إعادة الجار ، كقراءة حمزة تسالون به والأرحامِ بالخفض ، والكفر بالمسجد الحرام منع الناس عن الصلاة فيه ، والطواف به ، وقيل : إنه معطوف على (سَبِيلِ اللهِ) أي : صد عن سبيل الله ، وصد عن المسجد الحرام ، واعترض بأنه يلزم الفصل بين صلة المصدر الذي هو الصد وبين المصدر بالأجنبي الذي هو قوله (وَكُفْرٌ بِهِ) وأجيب : بأن الصد عن سبيل الله والكفر به كالشيء الواحد في المعنى ، فكأنه لا فصل ، وبأن التقديم لفرط العناية به ، مثل (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ) وكان حق الكلام ولم يكن أحد كفؤا له ، وقيل : (الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) عطف على (الشَّهْرِ الْحَرامِ) أي : يسألونك عن قتال في الشهر الحرام والمسجد الحرام ، وهذا قول الفراء ، وأبي مسلم ، وقيل : الواو في (الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) للقسم.
وذكر في البيضاوي وجها آخر ، وهو ما لفظه (الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) على إرادة المضاف ، أي : وصد المسجد الحرام ، كقول أبي داود :
أكل امرء تحسبين امرأ |
|
ونار توقد بالليل نارا |
ولا يحسن عطفه على (سَبِيلِ اللهِ) وذلك لأن عطف قوله (وَكُفْرٌ بِهِ) على (وَصَدٌّ) مانع منه أولا تقدم العطف على الموصول على العطف على الصلة ، ولا على الهاء في (بِهِ) فإن العطف على الضمير المجرور إنما يكون بإعادة الجار.