طلوع الفجر ، فلو لم يجز الإصباح على الجنابة لوجب تحريم الوطء قبل الفجر بمقدار ما يغتسل فيه.
ومن هذا ما استدل به الشافعي على أن أكثر الحيض ، وأقل الطهر خمسة عشر يوما لقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم في النساء : (إنهن ناقصات عقل ودين) قيل : وما نقصان دينهن؟ قال : (تمكث إحداهن في قعر بيتها شطر دهرها لا تصوم ولا تصلي) فهذا حصل به (١) إشارة إلى أكثر الحيض ، ولم يقصد إلى تقدير الحيض.
وأما القسم الثاني من أصل التقسيم ، وهو دلالة المفهوم ، وهو ما دل عليه اللفظ في غير محل النطق ، فالمفهوم على ضربين ، مفهوم موافقة ، ومفهوم مخالفة.
فالأول : أن يكون المسكوت عنه موافقا في الحكم ، ويسمى فحوى الخطاب ، ولحن الخطاب (٢) ، وهو الاستدلال بالأدنى على الأعلى ، وهو الأخذ بالأولى ، وهذا كدلالة تحريم التأفيف على تحريم ضرب الوالدين ، وقتلهما ، وشتمهما ، وذلك لأن الآية سيقت لتعظيم الوالدين ، واحترامهما.
وتخوفهم إحراق مال اليتيم وإهلاكه من قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً) [النساء : ١٠] وفهم الجزاء بما فوق مثقال الذرة من قوله تعالى : (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ) [الزلزلة : ٧] وقوله تعالى : (٣) :
__________________
(١) في نسخة (فهذا حصل فيه).
(٢) وفرق بينهما في الكافل ، فجعل فحوى الخطاب لما فيه معنى الأولى ، كقوله تعالى (فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍ) ولحن الخطاب للمساوي ، نحو (إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ).
(٣) هو عبد الله بن سلام ، استودعه رجل من قريش ألفا ومأتي أوقية ذهبا ، فأداه إليه ، وقوله (وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينارٍ) هو فنحاص بن عازور استودعه رجل من قريش دينارا فجحده ، وخانه ، وقيل : المأمونون على القنطار النصارى لغلبة الأمانة عليهم ، والخائنون في القليل هم اليهود لغلبة الخيانة عليهم. (كشاف).