الثانية : مفهوم الحصر بإنما مثل (إِنَّمَا اللهُ إِلهٌ واحِدٌ) (إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ) [فاطر : ٢٨] (إنما الولاء لمن أعتق) (إنما الماء من الماء) (إنما الربى في النسيئة). وهذا يفيد الحصر ، ونفي الحكم عن غير المنطوق عند الجمهور العلماء ، وقد قال به بعض المنكرين للمفهوم.
وقال بعض أصحاب أبي حنيفة : إن ذلك لا يدل على الحصر ؛ لأن المعنى أن الولاء لمن أعتق.
وحجة الأولين : أن ذلك في معنى النفي ، فالمعنى في قوله تعالى : (إِنَّما إِلهُكُمُ اللهُ) [طه : ٩٨] ما إلهكم إلا الله ، وقد يراد الكمال كقولك : إنما النبي محمد ، وإنما العالم في البلد زيد ، ويريد التأكيد والكمال.
ومنهم من خص الحصر بإنما ، وقال الغزالي : إنه يلتحق به حصر المبتدأ على الخبر وإن كان دونه في القوة ، مثل «الأعمال بالنيات» و «الشفعة في ما لم يقسم».
والثالثة : مفهوم الغاية ، وهو مد الحكم إلى غاية بإلى ، أو بحتى ، نحو قوله تعالى : (وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ) [المائدة : ٦] وقوله : (ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ) [البقرة : ١٨٧] ، (وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ) [البقرة : ٢٢٢](فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ) [البقرة : ٢٣٠] وقوله : (حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ) [التوبة : ٢٩].
وقد ذهب الأكثر إلى أن ذلك يفيد قصر الحكم إلى الغاية دون ما بعدها ؛ إذ لو لم يكن كذلك لم تكن غاية ، لكن قال أبو الحسين وغيره : إفادة الغاية لقصر الحكم من جهة الظاهر ، ويجوز أن يدل دليل على أنما بعد الغاية داخل فيما قبلها ، وقال قاضي القضاة : إفادة ذلك إفادة قطعية.
وعن أبي رشيد ، وأصحاب أبي حنيفة أن هذا نطق بما قبل الغاية ، وسكوت عما بعدها ، فلا دلالة على نفي الحكم عما بعدها.