..................................................................................
______________________________________________________
« إنّ الله تعالى جمع لكم معشر المؤمنين في هذا اليوم عيدين عظيمين كبيرين لا يقوم أحدهما إلاّ بصاحبه ، ليكمل عندكم جميل صنيعته ، ويقفكم على طريق رشده ، ويقفو بكم آثار المستضيئين بنور هدايته ، ويشملكم منهاج قصده ، ويوفّر عليكم هنىء رفده ، فجعل الجمعة مجمعاً ندب إليه لتطهير ما كان قبله ، وغسل ما كان أوقعته مكاسب السوء من مثله إلى مثله ، وذكرى للمؤمنين ، وتبيان خشية المتّقين ، ووهب من ثواب الأعمال فيه أضعاف ما وهب لأهل طاعته في الأيّام قبله ، وجعله لا يتمّ إلاّ بالإيتمار لما أمر به والإنتهاء عمّا نهى عنه ، والبخوع بطاعته فيما حثّ عليه وندب إليه فلا يقبل توحيده إلاّ بالإعتراف لنبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم بنبوّته ، ولا يقبل ديناً إلاّ بولاية من أمر بولايته ولا تنظيم أسباب طاعته إلاّ بالتمسّك بعصمه وعصم أهل ولايته فأنزل على نبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم في يوم الدّوح (١) ما بيّن به عن إرادته في خلصائه وذوي اجتبائه وأمره بالبلاغ وترك الحفل بأهل الزيغ والنفاق فتأمّلوا رحمكم الله ما ندبكم الله إليه وحثّكم عليه ، واقصدوا شرعه (٢) واسلكوا نهجه ، ولا تتّبعوا السبل فتفرّق بكم عن سبيله.
إنّ هذا يوم عظيم الشأن ، فيه وقع الفرج ، ورفعت الدرج ، ووضحت الحجج ، وهو يوم الإيضاح والإفصاح عن المقام الصراح (٣) ، ويوم كمال الدين ، ويوم العهد المعهود ، ويوم الشاهد والمشهود ، ويوم تبيان العقود عن النفاق والجحود ، ويوم
__________________
١ ـ الدُّوح ، جمع دوحة وهي الشجرة العظيمة ، إشارة إلى دوحات غدير خمّ.
٢ ـ القصد ، إتيان الشيء ، يقال : قصدته وقصدت له وقصدت إليه ، طلبته بعينه كما في مجمع البحرين ، ص ٢٢٣.
٣ ـ الصُراح هو الخالص من كلّ شيء وجميع التعلّقات.