فإنّكَ مُخاصِمُ أُمّتي. قلتُ ، يا رسولَ اللّهِ أرشِدْني الفُلْجَ (٦)! قال : إذا رأيتَ قوماً قد عَدلوا عنِ الهُدى إلى الضَّلالِ فخاصِمْهُم ، فإنَّ الهُدى من اللّهِ ، والضلالِ من الشيطان.
يا علي ، إنَّ الهُدى هو اتّباعُ أمرِ اللّهِ دُونَ الهَوى والرأي ؛ وكأنَّكَ بقوم قد تأوّلُوا القرآن ، وأخذُوا بالشبهَاتِ ، واستحلُّوا الخمرَ بالنّبيذِ ، والبَخْسَ بالزكاةِ (٧) ، والسُّحْتَ بالهَديَّة (٨). قلتُ ، يا رسولَ اللّهِ فما هُم إذا فعلُوا ذلك ، أَهُم أهلُ ردّة أم أهلُ فِتنة؟ قال هُم أهلُ فتنة ، يعمهُون فيها (٩) إلى أنْ يُدرِكَهُم العدلُ ، فقلتُ ، يا رسولَ اللّهِ العدلُ منّا أم من غيرنا؟ فقال : بل مِنّا ، بنا يفتحُ اللّهُ وبنا يختِم (١٠) وبنا ألَّفَ اللّهُ بينَ القلوبِ بعدَ الشِّركِ وبنَا يؤلُّف اللّهُ بينَ القلوبِ بعدَ الفتنةِ ، فقلتُ ، الحمدُ للّهِ على ما وَهَبَ لنا من فضلِه (١١).
______________________________________________________
(٦) أي أرشدني إلى الظفر والغلبة وظهور الحجّة ، من قولك فلج القوم أي غلبهم ، والإسم ، الفُلج بضمّ الفاء وسكون اللام.
(٧) لعلّه بمعنى إستحلال البخس في الميزان والتنقيص فيه بدعوى تداركه وجبرانه بإعطاء الزكاة والصدقة.
(٨) أي يستحلّون الرشوة المحرّمة أشدّ الحرمة ويأخذونها باسم الهديّة.
(٩) أي يتردّدون ويتحيرون في الفتنة.
(١٠) إشارة إلى قيام دولة عدل الإمام المهدي أرواحنا فداه ، فبه يملأ الله تعالى الأرض قسطاً وعدلا ، بعد ما مُلئت ظلماً وجوراً ، وبه ترتفع الفتنة ويكون الدين كلّه لله عزّ شأنه.
(١١) الأمالي ، ص ٢٨٨ ، المجلس الرابع والثلاثون ، ح ٧. وجاء في أمالي الشيخ الطوسي قدسسره ، ص ٦٥ ، المجلس الثالث ، ح ٥ ، مسلسل ٩٦.