أن نظرية فطرية التدين تعطي الجواب الشافي على هذا السؤال.
فقد قلنا ـ هناك ـ ان الخداع والغش لا يتحقق في مورد من الموارد الا اذا كان الشيء الذي يقع فيه الغش والخداع امراً مقبولا لدى الناس ، ومطلوباً عندهم بالاصالة.
ففي هذه الصورة فقط يتسنى لمن يخشون أن يغشوا ويخدعوا مستفيدين من تلك الرغبة الذاتية لدى الناس في ذلك الشيء الذي يوقعون فيه الغش ، ويلبسونه لباساً خادعاً ، ويقدمونه كسلعة ممتازة تلبي الحاجة ، وتحقق المطلوب وترضي الطموح.
فنفس هذا الأمر جار في مسألة التدين ، فان سوء استغلاله من قبل بعض المستغلين خير دليل على أن للتدين جذوراً في أعماق الفطرة الانسانية ، وان هناك رغبة ذاتية ومیلا باطنياً لدى البشر في هذا الأمر ، هو الذي مهد للبعض أن يستغله في سبيل تحقيق مطامعهم الفاسدة ، ومآربهم الشريرة.
ح) : ان القول بأن الكون نشأ بالصدفة أو القول بأنه لم يكن وراء هذا العالم أي تخطيط وتقدير وتدبير ، وأي دخالة للعقل والشعور العاليين فيه ، بل وجد هذا النظام والتناسق بفضل الصدفة العمياء أو انه من خاصية المادة أو ما شابه ذلك.
إن القول بكل هذا يستعقب طرح السؤال التالي :
اذا لم يكن هناك أية دخالة للشعور والتقدير في نشأة الكون وظهور نظامه البديع ولم يكن هناك أي تخطيط وتدبير وراء الكون فكيف وجد في بطن هذه المادة الفارغة عن التدبير والتخطيط كائن يفعل بتقدير ، وينشئ بتخطيط ويتنبأ بمحاسبة وفي ضوء تقييم المستقبل ألا وهو «العقل الإنساني».
ترى ما هي العلاقة بين ذلك النظام الناشئ ، صدفة ، وهذا الكائن المخطط