فاصغاؤه لدعوة الدين انما هو في الحقيقة اصغاء لنداء الفطرة غيرناه عنه ولا منكر له ، ومن انحرف عن ذلك فانما هو بالاغواء.
ومنه قوله (ص) : «كل عبادي خلقت حنفاء فاجتالتهم الشياطين عن دينهم وامروهم أن يشركوا بي غیري».
واما قوله : «لا تبديل لخلق الله» فيعني لا تتبدل تلك الفطرة ولا تتغير ، «ذلك الدين القيم» أي الدين المستقيم الذي لا اعوجاج فيه «ولكن اكثر الناس لا يعلمون». (١)
فالاية اذن بظاهرها تفيد بان قضايا الدين وفي رأسها الاعتقاد بالله وتنزيهه عن الشريك مما فطر الانسان عليه ، وان جبلته مزيجة بمثل هذا الاعتقاد ومثل هذا الايمان.
ويؤيد ذلك ما ورد في كتب الفريقين من احاديث في تفسير هذه الآية وما ورد فيها من كلمة الفطرة ، واليك بعض هذه الأحاديث :
١ ـ عن زرارة عن الامام محمد بن علي الباقر عليه السلام حينما سأله عن معنی قول الله عز وجل في كتابه «فطرت الله التي فطر الناس عليها» قال مجيبا : «فطرهم على التوحيد ...» (٢).
٢ ـ عن عبد الله بن سنان عن الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام ـ لما سأله عن قول الله عز وجل «فطرة الله التي فطر الناس عليها» ما تلك الفطرة فقال : «هي الاسلام ، فطرهم الله حين اخذ ميثاقهم على التوحيد» (٣).
٣ ـ لما سأل هشام بن سالم الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام عن معنی الفطرة في هذه الاية قال : «فطرهم على التوحيد» (٤).
__________________
(١) راجع الكشاف تفسير سورة الروم.
(٢ و ٣ و ٤) ـ تفسير البرهان ج ٣ صفحة ٢٦١ ـ ٢٦٣ والتوحيد للصدوق.