إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا أَذَاقَهُم مِّنْهُ رَحْمَةً إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُم بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ (الروم ـ ٣٣)
ان هذه الآية التي جاءت بعد آية الفطرة ـ التي سبق أن ذكرناها ـ ونظائرها تشير بوضوح إلى أن الاعتقاد بوجود الله مغروس في فطرة الناس ، فهم ينبیون اليه عند الشدائد ويستغيثون به ويطلبون منه العون والنجاة (١).
ولا يتوهم أن الشدائد والنوائب هي التي تدفع بالانسان الى أن يتصور آلها منقذاً فيلجأ اليه ويلوذ به وكأن الاعتقاد بوجود الله وليد المصائب ، كلا بل لأن الشدائد توقظ الفطرة وتعيد الانسان اليها وتزيح ماران عليها من غبار الغفلة والنسيان فيسمع الانسان نداءها ، ويصدق بوحيها ..
أجل انها العودة الى الفطرة التي عبر عنها القرآن الكريم بقوله : «منيبین اليه» فمثل الانسان الغارق في اللذائذ والشهوات التي ربما تغطي على الفطرة وتوجب خفاءها ، والغفلة عنها ، مثل الصبي المتعلق بأمه فطرياً ولكنه قد ينساها أحياناً اذا غرق في اللعب ، فاذا أصابته جراحة اندفع الى امه وأناب اليها واستغاث بها بوحي فطرته.
الأحاديث وفطرية الايمان بالله :
من تتبع الاحادیث وسبرها وجد احاديث كثيرة تدل على فطرية التدين ،
__________________
(١) ومثلها الاية ٦٥ من سورة العنكبوت ومطلعها : فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ ... والاية ٥٣ من سورة النحل ومطلعها : وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللَّـهِ ۖ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ ... والاية ٢٣ سورة يونس ومطلعها : هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ۖ حَتَّىٰ إِذَا كُنتُمْ فِي الْفُلْكِ ... والاية ١٢ من سورة يونس ومطلعها : وَإِذَا مَسَّ الْإِنسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا ... ومثلها الاية ٨ و ٤٩ من سورة الزمر والاية ٣٢ من سورة لقمان ومطلعها : وَإِذَا غَشِيَهُم مَّوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّـهَ وغيرها.