التعرف على ذي الاية عن طريق الاية ، وهو يختلف عن التمثيل ، والتجربة.
في التمثيل والتجربة نتوصل الى معرفة الحكم الكلي من اسراء حكم الشيء المجرب الى الأفراد التي تقع في عرضه ، فهي اذن معرفة حاصلة من الوقوف على الأفراد الكائنة في عرض واحد ، وملاحظتها واحدة بعد الاخر ، وإسراء الحكم من بعضها إلى بعض.
واما «المعرفة عن طريق الايات» فتكون معرفة عمقية بمعنى اننا نتوصل من رؤية الاية إلى معرفة ما وراءها من الفاعل وخصوصیاته.
والاهتداء إلى المؤثر من وجود الاثر هو من هذا القبيل فالانسان يعرف المؤثر من الوقوف على أثره كما أن الاهتداء إلى صفات المؤثر من خصوصيات الأثر هو أيضاً من هذا القبيل وبرهان النظام من هذا القسم.
وينبغي أن نعرف أن «معرفة ذي الاية عن طريق الاية» على قسمين :
١ ـ ما ينتقل فيه الانسان من «معرفة الاية إلى معرفة صاحبها» وتكون الاية وصاحبها كلاهما من الامور الطبيعية القابلة للحس ، وان كان أحدهما محسوساً بالفعل (وهو الاية) والاخر غائباً عن الحسن (وهو صاحب الاية) وان كان يمكن أن يقع في افق الحس.
٢ ـ ما ينتقل فيه الانسان من مشاهدة الامور الحسية الى امور غير حسية وقضايا خارجة عن اطار المادة وآثارها.
وبعبارة أخرى : ان الانسان في هذا النوع من المعرفة يستدل بما يرى على ما لا يرى من غير فرق بين أن يكون غير المرئي من الامور الحسية الغائبة عن الحس ، أو من الأمور المجردة الخارجة عن اطار الحس مطلقاً.
والقسم الاول يشكل المعلومات الطبيعية المادية بينما يشكل الثاني العلوم العقلية المحضة.