الالهيون الى طرحه في مقامین :
الأول : عند البحث في «برهان النظام» واثبات الخالق المبدع عن هذا الطريق ، حيث عالجوا هناك مسألة الظواهر غير المتوازنة كالزلازل وما شابه ذلك.
الثاني : عند البحث عن «صفات الصانع» تعالی وحكمته وعدله ، فطرحوا اشكال المصائب والبلايا ، وكيف انها تنافي حكمته وعدله ، واجابوا عليه بما يرفع هذا التنافي المتوهم؟
اذن فليس «هيوم» هو اول من انتبه إلى هذا الاشكال حتى بعد اعتراضاً حديثاً ، بل لقد كان مطروحاً من قبل في مؤلفات الالهيين الكلامية والفلسفية.
بل ان وجود الشرور والبلايا قد دفع بعض الطوائف ـ في التاريخ وحتى اليوم ـ الى الاعتقاد بالتعددية في الخالق وهو الاتجاه المسمى بالثنوية ، حيث تصوروا أن اله الخير هو غير اله الشر ، وذلك هروباً من الاشكال المذكور.
وقد عالج الالهيون هذه المسألة ، عند تعرضهم لمسألة «الخير والشر» في صفحة الكون ، وأعطوا لذلك تحليلات فلسفية ، وتربوية (١) سنأتي على ذكرها.
لقد اجاب الالهيون على اشكال الشرور والبلايا عن طريقين ، وبينوا الحكمة فيها تارة من وجهة فلسفية واخرى من وجهة تربوية ، واليك التحليل الفلسفي اولا ، ثم التحليل التربوي بعد ذلك :
__________________
(١) راجع الأسفار ج ٧ ص ٥٨ ـ ١٦ ، حيث قد بحث الفيلسوف الاسلامی صدر الدين الشيرازي مسألة الخير والشر ، والمصائب والبلايا في ثمانية فصول بحثاً علمياً وافياً ، وراجع أيضاً شرح المنظومة قسم الفلسفة ، للسبزواری ص ١٤٨.