التحليل الفلسفي لمسألة الشرور
وحاصل هذا التحليل واجماله هو : أن ما يظن بعض الناس انه من الحوادث الشاذة غير المنظمة ناشئ من نظرتهم الضيقة المحدودة الى هذه الأمور ، فلو نظروا الى هذه الحوادث في اطار «النظام الكوني العام» لاذعنوا بانها خیر برمتها ، وانها ذات فوائد عظيمة وجمة تتضاءل بل تضمحل عندها المضار الصغيرة الناشئة منها ، وتكون المسألة كما قال الحكيم الالهي السبزواري :
ما لیس موزوناً لبعض من نغم |
|
ففي نظام الكل كل منتظم |
وخلاصة القول : ان النظرة الضيقة الى هذه الحوادث وملاحظة العقل البشري اليها من زواية محدودة وخاصة ، دفعته الى الاعتقاد بانها شرور ، في حين انها اذا لوحظت بنظرة واسعة وشاملة ومن خلال ملاحظة النظام العام كانت اموراً حسنة لابد من وجودها في النظام الكوني الواسع ، فهي اذن شر نسبي وليس بشر مطلق.
هذا هو اجمال الجواب ، وخلاصة التحليل الفلسفي للظواهر الشاذة عن نظام الطبيعة ، وأما تفصيله فيتوقف على بيان امور :
١ ـ النظرة الانانية الى الظواهر غير المتوازنة :
ان وصف الظواهر المذكورة بانها شاذة عن النظام وانها شرور تتنافى مع ما یدعيه الالهيون من وجود عقل وشعور وتنظيم وراء هذا الكون ، ينبع ـ في الحقيقة ـ من نظرة الانسان الى هذه الأمور من خلال نفسه ومصالحها ، وجعلها محوراً وملاكاً لتقييم هذه الامور.
فعندما يرى انها تعود على شخصه وذويه بالاضرار والافات ينبری من فوره