الى وصفها بالشرور ، والقبح ، والقول بانها تتنافى مع وجود عقل شاعر يدبر الكون وشؤونه ، اذ لو كان لهذا الكون مدبر عاقل شاعر لوجب خلو الكون من تلك الظواهر التي تبدو أنها شاذة عن النظام ، بل ومضرة كالزلازل والسيول والحشرات القاتلة ، والطوفانات المدمرة.
انه لا ينطلق ـ في الحكم على مثل هذه الظواهر ـ الا من نفسه ومصالحه الشخصية أو مصلحة من يقر به خاصة ، ويتجاهل غيره وغيرهم من البشر الذين يقطنون في مناطق اخرى من العالم ، أو الذين عاشوا في غابر الزمان ، أو يعيشون في مستقبله ، وتكون هذه الحوادث ـ التي تبدو في نظره المحدود الضيق شاذة ـ لازمة ومفيدة لحياتهم.
انه لا يرى الا نفسه أو من يمت اليه في حياته وكأنه لا موجود سواه وسواهم على وجه البسيطة ، وكأن العالم قد خلق خصيصاً له ولاضرابه فقط!!
انه يرى الطوفان الجارف يكتسح مزرعته ، والسيل العارم يهدم منزله ، أو الزلازل الشديدة تزعزع بنيانه ، ولكنه لا یری ما تنطوي عليه هذه الحوادث والظواهر من نتائج ايجابية في نقاط اخرى من الحياة البشرية.
وما اشبه الانسان في مثل هذه الرؤية المحدودة بعابر سبيل يری جرافة تحفر الأرض أو تهدم ابنية متداعية مثيرة الغبار والتراب في الجو ، فيقضي من فوره بانه عمل ضار وسيء ، وهو لا يدري بان ذلك يتم تمهيداً لبناء مستشفى كبير يستقبل المرضى ، ويعالج المصابين ، ويهييء لمئات الالاف من المحتاجين الى العلاج وسائل المعالجة ، والتمريض.
ولو وقف على هذه الأهداف النبيلة وهذه الغايات الانسانية لقضي بغير ما قضى ، وحكم بغير ما حكم ، ولوصف ذلك التهديم والتخريب بانه عمل خير ، وخطوة نافعة ، ولا ضير في تصاعد تلك الاغبرة ، وتناثر تلك الأتربة في