الجو ، وما يرافق ذلك من صعوبة التنفس بعض الوقت ما دامت تستعقب مثل ذلك المشروع الانساني العظيم وتمهد له.
ان مثل هذا الانسان المحدود النظرة ، الأناني في تقييمه مثل الخفاش الذي يؤذيه النور لانه يقبض بصره ، بينما يبسط هذا النور ملايين العيون ، ويساعدها على الابصار والرؤية ، ويوفر لها امكانية الحياة (١).
صحيح ان بعض الحيوانات تفترس بعضها ، وصحيح ان بعض الحيوانات يبدو انها لا تمت الى الحياة البشرية بصلة قريبة الا انها تؤدي في الطبيعة دوراً لا غنى للحياة البشرية عنها سواء على المدى القريب أو على المدى البعيد كما يقتضيه التعمق في اسرار الاحياء.
قال الحكيم الالهي صدر الدين الشيرازي :
«واعلم أنه قد تحيرت العقول في كون بعض الحيوانات آكلة لبعض ، وفيما جعل الله تعالى ذلك في طباعها وهيأ لها الالات والادوات التي يتمكن بها على ذلك كالانياب والمخالب والاظافير الحداد التي بها يقدر على القبض والضبط والخرق والنهش ، والاكل والشهوة واللذة والجوع وما شاكل ذلك مع ما يلحق المأكولات منها من الآلام والأوجاع والفزع عند الذبح والقتل فلما فكروا في ذلك ولم تسنح لهم العلة ولا الغاية والحكمة فاختلف عند ذلك بهم الآراء ، وتفننت بهم المذاهب حتى قال بعضهم : آن تسلط الحيوانات بعضها على بعض واكل بعض لبعض ليس من فعل حكيم بل فعل شریر قلیل الرحمة ظلام للعبيد فلهذا قالوا : أن للعالم فاعلين : خيراً ، أو شريراً.
__________________
(١)قال الإمام أمير المؤمنین علي بن ابی طالب علیه السلام في وصف الخفاش : «من غوامض الحكمة في هذه الخفافيش التي يقبضها الضياء الباسط لكل شيء ، ويبسطها الظلام القابض لكل شيء» (نهج البلاغة الخطبة ١٥).
فهل يكون قضاء الخفاش على النور بانه شر ملاكاً لتقييم هذه الظاهرة الطبيعية المفيدة.