من فوائد جهدها (١)».
ثم اننا لا ندعي بأن هذه النتائج والثمار توجد دائماً في جميع الحوادث والكوارث ، وانما في اغلبها.
فان اغلبية هذه المصائب والبلايا تعطي دفعة قوية لقابليات الأفراد ، وتطرد الكسل عن نفوسهم والجمود عن افكارهم.
اليس الحديد يزداد قوة وصلابة كلما تعرض للنار ، واليس السيف يزداد حدة وقاطعية كلما تعرض للمبرد.
ومن هنا فان الوالدين اللذين يعمدان الى تربية ولدهما تربية ناعمة مرفهة بعيدة عن الصعوبات والشدائد لا يقدمان الى المجتمع الا انساناً هزيلا ضعيف الارادة فاقد الطموح ، اشبه ما يكون بالنبتة الغضة في مهب الريح ، بل والتبنة الخفيفة الوزن امام هبوب العاصفة تأخذها يميناً وشمالا.
واما الذي ينشأ نشأة خشنة محفوفة بالمشاكل والمصائب ، والمصاعب والمتاعب ، فانه يكون اشبه بالصخرة الصلبة التي تتكسر عليها كل السهام ، وتتحطم عندها كل العواصف أو كما وصف الامام علي ـ عليه السلام اذ قال :
«الا ان الشجرة البرية أصلب عودة والروائع الخضرة أرق جلوداً ، والنباتات البدوية أقوى وقوداً ، وابطأ خموداً» (٢).
والى هذه الحقيقة ذاتها يشير قوله سبحانه :
فَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّـهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا (النساء ـ ١)
__________________
(١) الميزان ج ص ١٢٤.
(٢) نهج البلاغة الرسالة رقم ٤٥.