يذكر الانسان بنفسه ويفيقه من غفوته ، وينبهه من غفلته ، وليس هناك ما هو أنفع ـ في هذا المجال ـ من بعض الحوادث التي تغير رتابة الحياة ، وتقطع على الانسان شروده وغفلته ، ولهوه ولذته ، فاذا انقطع نظام الحياة الناعمة بشيء من المزعجات ، واعترضت لذته بعض المنغصات ، استيقظ من نومه ، وادرك عجزه ، وتخلى عن غروره ، وخفف من طغيانه.
ان الذي يعيش حياة ناعمة رتيبة يشبه الى كبير من يركب في سيارة يقودها سائق ، تسير على طريق مبلط فيغط في نوم عميق ، لا يستيقظ منه الا اذا كبس السائق على فرامل السيارة فجأة ، وتوقفت دون سابق اخبار ، أو مر على قطعة غير مبلطة ، فأحدثت رجفة قوية.
ولهذا تعمد الاجهزة المسؤولة عن الطرق والمواصلات الى غرس بعض القطع الناتئة على متن الطرق حتى يوجب ذلك تنبيه السائقين بسبب ما تحدثه من هزات للسيارة كيلا يستسلموا للنوم ، والنعاس.
ولأجل ذلك يتضح وجه ربط الطغيان باحساس الغني والاستغناء في الكتاب العزيز اذ يقول سبحانه :
إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَىٰ * أَن رَّآهُ اسْتَغْنَىٰ (العلق ٦ ـ ٧)
كما ولاجل هذا يعلل القرآن الكريم بعض النوازل والمصائب بانها لفائدة الذكرى ، فالرجوع الى الله ، والتضرع اليه.
يقول سبحانه في هذا الصدد :
وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّبِيٍّ إِلَّا أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ. (الاعراف ـ ٩٤)
ويقول أيضاً :
وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ