ومن هنا نجد البنائين والمهندسين اذا بنوا داراً تفننوا في بناء الجدران والسقوف فبنوها متموجة متعرجة لا مسطحة خالية من أية تعرجات وتموجات لان النفس الميالة بطبعها الى التنوع لا ترتاح الا برؤيتها للجدار المتنوع الاشكال والسطوح.
ولعل لهذا السبب كانت الوديان إلى جانب الجبال والاشواك الى جانب الورود ، والثمار المرة الى جانب الثمار الحلوة ، والماء الاجاج الى جانب الماء العذب الفرات ، وعبور الانهر والمياه عبر الجداول المتعرجة الملتوية في بطون السهول والاودية.
ان المصائب وان كانت مرة غير مستساغة ، ولا مأنوسة المذاق الا انها تبرز من جانب حلاوة الحياة وقيمة النعم ، وأهمية المواهب.
فجمال الحياة وقيمة الطبيعة ينشئان من هذا التنوع والانتقال من حال الى حال ، والتبدل من وضع الی آخر.
الثانية : ان هناك من المحن ما ينسبها الانسان الجاهل الى خالق الكون والحال أن أكثرها من كسب نفسه ونتيجة منهجه.
فان الأنظمة الطاغوتية هي التي سببت تلك المحن واوجدت تلك الكوارث ولو كانت هناك انظمة قائمة على قيم الهية لما تعرض البشر لتلك المحن ولما اصابته اكثر تلك النوائب.
فالتقسيم الظالم للثروات ـ مثلا ـ هو الذي سبب في تجمع الثروة عند قلة قليلة ، وانحسارها عن جماعات كثيرة ، وتمتع الطائفة الاولى بكل وسائل الوقاية والحماية ضد الأمراض والحوادث ، وحرمان غيرهم منها هو الذي جعل الطائفة الفقيرة المحرومة من المال والامكانيات اكثر عرضة للكوارث بسبب فقدانهم الوسائل الوقاية من الأمراض ، والحماية من النوازل.