هدف الخلقة بل يبقى كالحيوان غائب الرشد سادر الفكر ، كان لابد من صدمة تعيده الى رشده ، وتسرده الى صوابه وكذلك تفعل البلايا والمصائب فانها بقطعها نظام الحياة وايقافها للانسان العاصي على نتائج أعماله تو جب رجوعه الى الحق وعودته إلى العدالة ، أو تدفعه الى أن يعيد النظر في سلوكه ومنهجه في الحياة على الاقل.
ان القرآن الكريم يشير الى هذه الحقيقة ـ بوضوح لا ابهام فيه ـ اذ يقول :
ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (الروم ـ ٤١)
ويقول سبحانه في آية أخرى :
وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَـٰكِن كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (الاعراف ـ ٩٦)
نقطتان هامتان :
ويجدر بنا في ختام هذا البحث أن نشير الى نقطتين هامتين :
الأولى : أن بقاء الحياة على نمط واحد ووتيرة واحدة يوجب ملل النفس وكلل الروح ، وتعب العقل فلا تكون الحياة محببة لذيذة الا اذا تراوحت بين المر والحلو ، والجميل والقبيح ، والمحبوب والمكروه ، اذ لا يمكن معرفة السلامة الا عند العيب ، ولا الصحة الا عند المرض ، ولا العافية الا عند الاصابة بالحمى ، ولا تدرك لذة الحلاوة الا عند تذوق المرارة.
وبالجملة لولا المرض لما علمت قيمة الصحة ، ولولا الشتاء لما عرفت قيمة الصيف ، وهكذا.