واقاموا على بطلانه أدلة كثيرة ، غير أن ما يهمنا هنا هو اقامة ما يوافق الوجدان منها ويوضح المقصود دون تعقيد.
وهذا الدليل يتوقف على معرفة الفرق بين «العلة» في مصطلح الفلاسفة الالهيين والمراد منها في مصطلح الماديين واليك بيان ذلك فنقول :
العلة عند الالهيين والماديين :
إن العلة اطلاقين :
١ ـ اطلاق عند المادیین.
٢ ـ اطلاق عند الفلاسفة الالهين.
اما عند الماديين فالمراد من «العلة» هي المادة التي فيها قابلية الانتقال الى مادة أخرى لتكون المادة الفاعلة المنقلبة هي «العلة» وتكون المادة المنقلب اليها هي «المعلول».
وربما تطلق «العلة» عندهم على «محدث الحركة» في المادة كالنجار الذى يلملم الأخشاب من هنا وهناك ، وينجرها ، ويضم بعضها إلى بعض بنحو خاص وتصير على هيئة الكرسي ، أو البناء الذي يجمع الأحجار والطين من هنا وهناك ويرتبها فوق بعضها فتصير جداراً وبناء ، فالذي قام به النجار والبناء هو جمع المواد وتأليفها من هنا وهناك ، وایجاد الحركة فيها ، وأما الصور الحادثة المعتورة لتلك المواد مثل هيئة الكرسي ، وهيئة الجدار فانها قائمة بنفس ذات الاجزاء ، وليس للبناء أي دور في ذلك الا الجمع ، والتحريك ، وضم الاجزاء المتناثرة بعضها إلى بعض.
وخلاصة القول : ان الماديين يطلقون لفظ العلة على المادة الموجودة المتحولة إلى مادة أخرى كالحطب المنقلب إلى رماد ، والوقود المنقلب الى الطاقة ، والكهرباء المنقلب الى ضوء ، وصوت ، وحرارة. أو من يحرك هذه