بملاحظة «برهان الحدوث» ، الذي سيأتي بيانه.
وبهذا يكون هذا الكون مرتبطاً بعلته ارتباطاً حقيقياً ومستنداً اليها بجمع شؤونه وخصوصياته فهو لم يكن من قبل ثم وجد بسبب علته ، مادة وصورة جوهراً ونظاماً.
وقد أشار الحكيم الالهي السبزواري في منظومته الى الاختلاف المذكور بين الالهي والطبيعي في معنى العلة والمراد منها عند استعمالهما لها اذ قال :
معطي الوجود في الألهي فاعل
معطي التحرك الطبيعي قائل
ثم قال في شرح ذلك : «معطي الوجود باخراج الشيء عن الليس (اي العدم) الى الايس (أي الوجود) مهية ووجوداً ، ومادة وصورة ، في العلم الالهی (اي في الفلسفة الالهية) فاعل ، ولكن معطي التحرك الحكيم الطبيعي قائل بانه فاعل ، فهم يطلقون الفاعل على الذي لم يوجد مادة الشيء ولا صورته بل انما حرك مادة موجودة من حال إلى حال.
والالهيون كثيراً ما يطلقون الفاعل على هذا مثل ما يقولون : النجار فاعل للسرير ، والنار للاحراق لكن لا بما هم الهيون ، واشير اليه في الكتاب الالهی بقوله : «أَفَرَأَيْتُم مَّا تُمْنُونَ * أَأَنتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ الى آخر الآيات الثلاث» (١).
لزوم تناهي العلل :
اذا تبين بأن هذا الكون مرتبط بعلة أخرجته من كتم العدم الى حيز الوجود فان امام متحري الحقيقة أحد طر یقین عليه أن يسلك أحدهما بحيث اذا امتنع هذا الطريق تعين الطريق الآخر بلا اشكال والطريقان هما :
__________________
(١) المنظومة ، قسم الفلسفة ص ١٢٣.