١ ـ اما أن يسند هذا الكون بمادته وصورته الى «علة أزلية» وموجد غير حادث أو ينهي العلل ـ في المآل ـ الى مثل هذه العلة الغنية عن سواها القائمة بذاتها.
٢ ـ اما ان لا یسند هذا الكون الى علة ازلية ، ولا يتوقف في تلك النقطة بل تتسلسل العدل والمعاليل عنده الى غير النهاية من دون أن يكون لهذه السلسلة آخر.
وهذا هو ما يسمى في مصطلح الفلاسفة بالتسلسل وهذا الشق باطل حسب ما تعرفه من البرهان ، فاذا بطل هذا الشق ، تعين الشق الأول ، وهو انتهاء سلسلة العلل الى علة غنية بالذات ، أزلية قديمة ، غیر محتاجة في وجودها الى شيء من صانع وخالق.
أما وجه بطلان هذا الشق فهو : انه بعد أن تبين أن «المعلول» في مصطلح الألهيين هو ما يكون مفاضاً ـ بمادته وصورته وكل شؤونه ـ من جانب العلة وقائماً بها ، وصادراً عنها ، وهذا يعني أن كل حلقة من تلك الحلقات ، وكل معلول من تلك السلسلة كان معدوماً فوجد بسبب علته ، وتحقق بجميع شؤونه بفضلها ، فبما أن أفراد هذه السلسلة برمتها تتسم بصفة «المعلولية» كان جميعها متصفاً بالفقر والتعلق بعلته ، أي لو اننا سألنا كل حلقة عن كيفية وجوده لاجابتنا بلسان التكوين بأنها مفتقرة في وجودها ، وفي جميع شؤونها الى العلة التي سبقتها ، فاذا كان هذا هو لسان حال كل واحدة من حلقات هذه السلسلة ، تكون السلسلة برمتها سلسلة فقر واحتیاج ، سلسلة تعلق وارتباط ، وعند ذلك ينطرح هذا السؤال :
كيف انقلبت هذه السلسلة الفقيرة الفاقدة لكل شيء الى سلسلة موجودة بالفعل؟ وكيف وجدت هذه السلسلة المرتبطة بحسب ذاتها من دون أن تكون