«وبرهان الحدوث» يتذرع بحدوث العالم بضميمة القاعدة العقلية التي تقول لابد لكل حادث من محدث ، ويتخذ من ذلك سبيلا الى اثبات الخالق المحدث الموجد.
اذن فكل برهان من هذه البراهين يتخذ قاعدة للانطلاق ، ومبدأ خاصاً لاثبات الخالق وواسطة معينة للوصول اليه ، وهذا يعني أن جميعها تشترك في توسيط «الخلق» بين الانسان ومعرفة الله سبحانه من قبيل الفطرة البشرية ، أو النظام الكوني أو التوازن ، أو الحدوث أو عالم الحيوانات أو غيرها من المخلوقات والكائنات ، وهو بمعنى أن الإنسان لا يقدر على معرفته سبحانه الا بتوسيط هذه الممكنات ومطالعتها ، واستخدام هذه المبادئ والوسائط في حين يرى العرفاء الشامخون آن وجوده سبحانه أجلى وأظهر من أن نستدل بشيء من هذه الممكنات والمخلوقات عليه ، فلا حاجة الى شيء من هذه الوسائط ، وذلك التوسيط والی هذا يشير قول الامام علي أمير المؤمنين عليهالسلام في دعاء الصباح :
«یا من دل على ذاته بذاته».
وقول الإمام أبي عبدالله الحسين بن علي سيد الشهداء عليهالسلام في دعائه يوم عرفة ومناجاته لربه :
«كيف يستدل عليك بما هو في وجوده مفتقر اليك؟!
أیكون لغيرك من الظهور ما ليس لك حتى يكون هو المظهر لك؟!
متی غبت حتى تحتاج إلى دليل يدل عليك؟!
ومتی عمیت حتى تكون الاثار هي التي توصل اليك؟
ثم يقول ـ عليهالسلام ـ في آخر هذه المناجاة الشريفة العظيمة المعاني :
«یا من تجلی بكمال بهائه ، كيف تخفى وانت الظاهر؟!