عن أحد أمرين : إما أن يكون وجوده نابعاً من ذاته فهو الواجب ، واما ان يكون وجوده مفاضاً عليه من غيره فيجب أن يستند الى الواجب.
وهكذا لا يتوسط أي شيء في هذا البرهان بين الانسان وبين معرفة الله سبحانه كما توسط بينهما المخلوقات والمصنوعات في البراهين السابقة.
برهان الصديقين في نصوص الفلاسفة
ولقد اشار الفلاسفة الاسلاميون العظام الى هذا البرهان ولكن اول من اشار اليه هو الشيخ الرئيس «ابن سينا» اذ قال :
«كل موجود ـ اذا التفت اليه من حيث ذاته من غير التفات إلى غيره ـ فاما أن يكون بحيث يجب له الوجود في نفسه او لا يكون.
فان وجب فهو الحق بذاته ، والواجب وجوده من ذاته وهو القيوم.
وان لم يجب لم يجز أن يقال انه ممتنع بذاته بعد ما فرض موجوداً فكل موجود اما واجب الوجود بذاته أو ممكن الوجود بحسب ذاته» (١).
فلو كان ممكناً فهو يستلزم الواجب لان الوجود الممكن هوما تتساوی نسبته إلى الوجود والعدم ، ولا يخرج من حالة التساوی الا بعلة موجبة ، أي مفيضة وصف الوجود او وصف العدم عليه.
فبما انه افيض عليه لباس الوجود فهو يستلزم «علة عليا» تكون غنية بالذات ، موجودة بنفسها من غير أن تكون مخلوقة لعلة أخرى لما قد حققناه ـ سابقاً ـ من امتناع التسلسل.
وممن أشار إلى هذا البرهان الحكيم المحقق «نصیر الدين الطوسي» واليك عبارة العلامة في شرح كلامه :
__________________
(١) الاشارات. الطبعة الحديثة ج ٣ ص ١٨ وص ٦٦.