«ان هنا موجوداً بالضرورة فان كان واجباً فهو المطلوب.
وان كان ممكناً افتقر الى مؤثر موجود بالضرورة ، فذلك المؤثر ان كان واجباً فهو المطلوب ، وان كان ممكناً افتقر الى مؤثر موجود بالضرورة فان كان واجباً فهو المطلوب وان كان ممكناً تسلسل وقد تقدم بطلانه» (١).
هذا هو تقرير اجمالي لبرهان الصديقين ، وان شئت مزيداً من التوضيح والبيان فنقول :
برهان الصديقين بتقرير اوسع :
ان الاحتجاج بهذا البرهان لاثبات وجود الله يتوقف على مقدمات اربع ، لكل واحد منها دخالة في الاستنتاج :
الاولی) : أن الوجود الخارجي مما لا ينكره احد ، فالواقع الخارجي ـ رغم ما يقوله المثاليون ـ الخياليون حقيقة مملوسة ، وليس أمراً ذهنياً ، أو خيالياً.
وبعبارة أخرى : ان في خارج الذهن عالماً واقعياً حقيقياً ، وهو ما يثبته الواقعيون على خلاف ما يذهب اليه المثاليون السوفسطائيون ، الخياليون.
فليس ذلك العالم أمراً خيالياً ذهنياً من خلق الادراك ـ كما زعم هؤلاء ـ بل له وراء الذهن حقيقة لا تنكر ، وواقع لا يناقش.
الثانية) : ان الوجود في عالم الذهن والتصور لا يخلو عن احدى حالتين :
__________________
(١) كشف المراد في شرح تجرید الاعتقاد ص ١٧٢ ، وتجرید الاعتقاد هو لمحمد بن محمد بن الحسن الطوسي المعروف بالخاجه نصیر الدين الطوسي المولود بطوس في عام ٥٩٧ هجرية المتوفى في بغداد عام ٦٧٣ وقد شرحه تلميذه العلامة الحلى جمال الدین ابو منصور الحسن بن يوسف بن مطهر الحلي ولد سنة ٦٤٨ هـ وتوفى سنة ٧٢٦ هـ في الحلة وسمي هذا الشرح بكشف المراد.